لا تزال حملة مواجهة التحرش الجنسي بكافة أشكاله مستمرة حتى الآن، وسط تطورات رسمية تجاه بعض القضايا التي تقدمت فتيات ببلاغات بشأنها بالفعل، فضلا عن موافقة رئيس الوزراء على مشروع القانون المقدم من وزارة العدل، بأن تكون بيانات المجني عليهن بجرائم التحرش والاعتداء الجنسي "سرية"، على أن يعاقب من يفشي هذه البيانات.
تطور جيد ويحسب للقضية بلا شك.. لكن الفنان آسر ياسين تناول الأزمة من زاوية أخرى، وتحديدا فيما يتعلق بالمسؤولية الفنية تجاه الجمهور، فقد أشار إلى أن هناك الكثير من الأعمال الفنية التي رسخت عبر سنوات طويلة إلى أفكار التحرش، وأن البطل لا ترفضه أي امرأة، بل ويسعدن إذا تحرش بإحداهن أو اقترب منها بلمسات في غير محلها.
اقرأ أيضا: بالفيديو- هذا ما طلبه آسر ياسين من الفنانين بعد أزمة التحرش الجنسي
نموذج مشوّه للتعامل مع المرأة، قدّمته عشرات بل ربما مئات الأعمال الفنية المصرية، لذلك الإشارة إلى المسؤولية المجتمعية الملقاة على عاتق صنّاع الفن في مصر، كانت موفقة وفي محلها، وتحتّم عليهم أن يوقفوا هذا الأمر لئلا يكونوا سببا في انتشاره.
ربما اعتبر البعض هذه الدعوة بأنها امتداد لظاهرة التقييم الأخلاقي للأعمال الفنية، لكن في الواقع الفكرة ليست عن تناول ظاهرة التحرش فنيا في العموم، بل عن طريقة تناولها وظهور المتحرش منتصرا في النهاية، دون أن يصل للمتفرج أن هذا الأمر خطأ وجريمة كبرى.
وللإنصاف هناك اعتبارات أخرى لا يمكن إغفالها، مثل تقبُّل المجتمع لمثل هذه الأمور "فنيا" في سنوات طويلة سابقة، وأنها بالفعل كانت تأخذ الطابع الكوميدي من الفنان والمشاهد على حد سواء، لكن حاليا تغير الحس الفني للجمهور، نظرا لانتشار هذا النوع من المواقف، وبالتالي لم يعد هناك مجال للضحك على مشاهد تتحول لجرائم في الشوارع.
أيضا السخرية من الأقزام وأصحاب الأمراض والأوزان الزائدة أو النحافة الشديدة، الجنون والصرع ولون البشرة والشعر المجعد وغيره الكثير من الأمور، كان متقبلا في الماضي، لكن لم يعد كذلك الآن، وأصبح هناك وعي بقضية "التنمر"، نظرا لتطور وجهة النظر المجتمعية تجاه هذه الأمور، وهو ما يجب أن يستجيب له الوسط الفني بمرونة شديدة.
في عصر السوشيال الميديا لا تمر كلمة ولا موقف مرور الكرام، لأن المجتمع تغير وبالتالي يجب أن تواكب الأعمال الفنية هذا الأمر، فلا ينبغي أن نظهر البطل وسيما وجميلا وصاحب قصة تستحق التعاطف لكنه أيضا متحرش ومتنمر ثم ينتصر في النهاية ويحبه الجمهور، دون أن نوضح للمشاهد أن ما فعله جريمة، أيا كان السياق الدرامي الذي يتم تناول القضية من خلاله.
في الواقع ينبغي للمجتمع الفني أن يطور نظرته للأمور، وألا يعتبر مطالب التغيير وكأنها حد للحرية الفنية، بالعكس قمة الحرية أن تعرض وجهة نظرك وتنفذها دون أن تضر غيرك... والتحرش والتنمر والعنف أصبحوا آفة مجتمعية خطيرة، لذلك لا يجب أن يتنصل المبدعون من دورهم في مواجهة ذلك بدعوى الخوف على الحرية الفنية، التي لا يرغب أحد في المساس بها.
هذه الدعوة لفتح المراجعات الفنية جاءت في وقتها، ولا تعني فرض وصاية أخلاقية على الأعمال الفنية، بل بالعكس هي تأكيد لدور الفن في الارتقاء بالمجتمعات، لأنه أهم عوامل التنوير في الوقت الحالي.. وسيظل كذلك.
اقرأ أيضا:
عمرو محمود ياسين عن التحرش بابنة عمرو السولية: لازم ننضف
رانيا يوسف: أمي كانت بتلبس قصير ومفتوح ومحدش اتحرش بيها