خلال شهر رمضان الماضي انتقد كثيرون مسلسل "النهاية" الذي قام ببطولته الفنان يوسف الشريف، بسبب بعض المشاهد التي تثبت ما هو معروف عنه بأنه يرفض لمس النساء في أعماله الفنية... أصل قصة حب هتبقى من بعيد لبعيد ازاي!
ليست مشكلة.. فلننظر للعمل ككل، هل حقق المسلسل النجاح المطلوب؟ هل كان على قدر التوقعات والشابوهات؟ في الحقيقة لا.. كثيرون لم يفهموا القصة ولم يعجبوا بالأداء، باستثناء دور عمرو عبد الجليل ومحمود الليثي الثنائي الأظرف في المسلسل.
باختصار ضعف العمل ككل جعل الجمهور يركز مع تصرفات يوسف الشريف.. لماذا لا يلمس فلانة، أليسا زوجين في المسلسل؟ أليست فلانة معجبة به؟ لماذا هذا التحفظ؟ أومال بيمثل ليه!!... إلى آخره من التساؤلات التي سببها انخفاض مستوى المسلسل ككل، سواء من حيث القصة التي لم يفهمها كثيرون أو الأداء الذي لم يكن على قدر التوقعات.
انتهى الشهر الفضيل وانتهى الجدل الدرامي.. إلى أن عاد يوسف الشريف لإثارة الجدل مرة أخرى ، بسبب تصريحاته خلال لقاء تليفزيوني مع الإعلامي رامي رضوان بالأمس، حول رفضه للمشاهد الساخنة واشتراطه لذلك في التعاقدات منذ نحو 10 سنوات.
اقرأ أيضا: كذبوا الكذبة وصدقوها... يوسف الشريف يرد على انتقادات تصريح "ملامسة النساء"
كالعادة انقسم الجميع لفريقين؛ الفريق الأول مؤيد لتصريحاته إعمالا بمبدأ هو حر ما دام لا يضر غيره، والفريق الثاني هاجمه هجوما شديدا باعتبار ما يفعله ادعاء سمج للفضيلة... لكن في الحقيقية الأزمة ليست في المشاهد الساخنة، بل في التركيز عليها، هل لو كان المسلسل جيدا كنّا سنقول "ياااه حلو بس ناقصه شوية مشاهد؟"، ولو كان مليئا بها لكنه سيء في مجمله كنّا سنقول "مش مشكلة المهم فيه مشاهد؟"... بالطبع لا، لا هذا ولا ذاك لأنها ليست معيارا لجودة العمل من عدمه، كل ما هنالك أن الجمهور يختار بحرية؛ من يعترض على هذه الأمور لن يدخل الأفلام الفلانية ومن يقبلها سيدخل؛ حرية شخصية لا مجال للاعتراض من أي طرف ضد الآخر.
لكنها تصبح مجال اعتراض وانتقاد حين تكون من الفنان، وتحديدا حين تكون متعلقة بتصريحاته، لأنه لو كان مسلسل "النهاية" جيدا بما يكفي لما التفت أحد لما قاله يوسف الشريف بالأمس، ولو كانت قبلات عادل إمام _الزائدة عن حدها_ مبررة في أفلامه لما انتقد الجمهور تصريحه الشهير بأنه يرفض عمل ابنته في الفن حتى لا يمسها أو يقبّلها رجل غريب، ولو كانت أفلام إيناس الدغيدي ناجحة بما يكفي لما التفت أحد لحديثها عن الجنس والشذوذ والمشاهد الساخنة المتعمّدة التي لا تخلو منها أعمالها.
باختصار العمل الفني القوي يجعل الجمهور يغفر لأبطاله أي خطأ، بعيدا عن كون الفعل نفسه يتفق مع مبادئهم العامة أم لا، لأن من يعترض لن يدخل الفيلم أصلا، ومن يعتبره أمرا عاديا سيشاهده بكل أريحية، وليس لأحد أن يقول للمشاهد هنا أنت مخطئ أم مصيب، لأن الأمر حرية شخصية بحتة لا مجال للنقاش فيها.
قدِّم عملا جيدا على أكمل وجه ولن ينشغل أحد بمن يقترب منك أو يبتعد.. يوسف الشريف صعّب المهمة على نفسه بتصريحاته، فمراجعاته الفكرية التي تمت قبل 10 سنوات تخصه وحده، لكن فنه للجميع، كان من الذكاء ألا يصرّح بالأمر حتى لو كان معروفا عنه، لأن العبرة في النهاية بجودة العمل لا بالمراجعات الفكرية لأبطاله وعدد لمساتهم لبعضهم البعض.
أيضا تداول بعض المنتقدين له لمشاهد ساخنة قدمها في بداياته الفنية كدليل على تناقضه، ليست دليلا على صحة موقفه وقتها، أو خطأ مراجعاته الآن... الفكرة ببساطة أنه كان من الذكاء ألا يصرح بالأمر حتى لو كانت كل أعماله تثبت ذلك يوما بعد يوم، حتى يستطيع إثبات وجهة نظره "عمليا" بأنه قادر على تقديم أعمال متواصلة بدون مشاهد ساخنة وقوية في آن واحد، وكان من الذكاء ألا يحجر منتقدوه على حريته الشخصية، لكن في الوقت نفسه يتربصوا بأعماله السيئة ليثبتوا وجهة نظرهم.. هذه قواعد المنافسة للأسف.
الأهم من ذلك كله، أنه كان من الأجدر بنا ألا نكون في عام 2020 ونحن لا نزال نتناقش حول أزمة مصطلح السينما النظيفة، الذي خرج قبل أكثر من ربع قرن، وألا نكون في سنوات ما بعد الربيع العربي ونحن لا نزال نجهل حق الآخر في "أنه حر ما لم يضر".. لكن يكفينا اليقين بأن المبدأ السليم لا تدنسه المتغيرات التي تطرأ عليه، لأن العيب في المستجد لا في الأصل.
اقرأ أيضا:
لا تخافوا على أحمد زكي من محمد رمضان
ما ذنب رجاء الجداوي؟!