لو أن هناك جائزة للتفوق في إثارة الجدل، لحصدها الفنان محمد رمضان بلا منازع؛ الرجل يتحول لتريند بمجرد لقاء تليفزيوني أو منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، مشهد في عمل فني، أو حتى مجرد الإعلان عنه، وكأنه لا يرفع قدمه من موطن إثارة جدل إلا ليضعها في مكان أكثر إثارة منه، لكن هذه المرة الجدل قديم وجديد في آن واحد لأنه مرتبط بالفنان الراحل أحمد زكي.
"محمد رمضان وأحمد زكي" اسمان ارتبطا ببعضهما البعض كثيرا منذ أن دخل رمضان عالم التمثيل عام 2004، حيث قرر في اختبارات التمثيل الأولى التي خضع لها أن يقلد أحمد زكي؛ يقول مثلي الأعلى وأتمنى أن أكون مثله... حلم مشروع لا جدال.
بعد عامين جاءته الفرصة على طبق من ذهب في مسلسل "السندريلا" عام 2006، حين قدم شخصية فتى الشاشة الأسمر بإخراج سمير سيف، صديق الفنان الراحل ومخرج فيلم "معالي الوزير". وأنقذه في هذا الوقت أنه كان في بداياته وليس بنفس الشهرة الحالية، كما أن الانتقادات الموجهة للمسلسل كانت أكبر من الموجهة إليه وحده، فلم يكن البطل وكان التركيز على الشخصية الأساسية منى زكي في دور سعاد حسني.
ومنذ ذلك الحين ولا يكاد لقاء تليفزيوني لرمضان أن يخلو من السؤال عن أحمد زكي، لأن الشبه بينهما كبير بالفعل، حتى تم الإعلان قبل أيام عن تقديمه لمسلسل "الإمبراطور" مجسدا حياة الفنان الراحل، بقلم صديقه المقرب السيناريست بشير الديك.
في الحقيقة، المسلسل مغامرة كبيرة من محمد رمضان لن يحصد نتائجها سواه، ولن يتأثر بها أحمد زكي على الإطلاق، فالرجل صنع تاريخه ومواقفه وأظهر حبه للفن حتى الرمق الأخير، ولن يضره أو ينفعه النجاح في تقليده أو العكس، لأن عاجلا أو آجلا ستختفي هذه الضجة من الذاكرة ويبقى أحمد زكي الفنان، مثلما حدث في مسلسل "السندريلا"... هل يتذكر الجمهور الآن المسلسل أم سعاد حسني؟ ولو قلنا السادات هل نتذكر أحمد زكي أم الرئيس الراحل؟ وكذلك عبد الحليم حافظ... وغيرهم.
اقرأ أيضا: ما ذنب رجاء الجداوي؟!
أحمد زكي نفسه يكاد يكون الفنان الأكثر تجسيدا للشخصيات المشهورة في أعماله الفنية، من طه حسين لناصر للسادات لحليم، فقد كان معروفا عنه اتقانه لتقليد المشاهير، وكان كثيرًا ما يربطهم بالعندليب عبد الحليم حافظ، وفي إحدى المناسبات قلّد كلا من عمر الشريف ومحمود المليجي ومحمد رشدي وشفيق جلال، ولاقى الأمر تفاعلا كبيرا من الحضور.
كان يقول دوما إن أمنية حياته أن يجسد شخصيات جمال عبد الناصر والسادات وعبد الحليم حافظ في أعمال فنية، حتى إن الفنانة عفاف شعيب _التي تجمعها به صداقة منذ أن كانا زملاء في معهد التمثيل_ قالت إنه حين أخبرها عن تقديمه لفيلم "حليم" خشيت عليه، وقالت له بالنص "أنا حاسة إن دي هتكون نهايتك"، فغضب من حديثها وقتها، إلا إنه بالفعل رحل بعد أن حقق أحلامه الثلاثة.
هذا بالطبع مع الإشارة إلى أن تجسيده لهذه الشخصيات لم يكن بنفس المستوى من الأداء، فبعضها حقق نجاحا كبيرا والبعض الأخر لا. وفي تقديري الشخصي لو أن أحمد زكي قدم هذه الشخصيات بأسوأ أداء ممكن لما غضب منه الجمهور، لأن رصيده من المحبة يتجاوز أي أدوار سيئة، فما بالك إذا رحل وقد قدم أفضل ما لديه ونال إعجاب الجمهور؟! وهذا هو ما يدفع ثمنه محمد رمضان وحده الآن، فبالرغم من شعبيته الجارفة إلا إنه في حال فشله في المسلسل فستكون ألسنة النقد أقسى ما يمكن عليه، ولن يشفع له شيء.
اقرأ أيضا: إلى الراقصات الشرقيات... مفتاح الفضيلة مع تامر أمين
الجدل حول رمضان هذه المرة غير مبرر والانتقادات سابقة لآوانها والانفعال أكبر مما يجب، حتى هاشتاج "رمضان أفضل من أحمد زكي" الذي تصدر تريند موقع Twitter بمجرد الإعلان عن المسلسل كان واضحا أنه لاستفزاز الجمهور للإساءة لرمضان، ورغم ذلك اعتقد البعض أنه مسيء لأحمد زكي.
وللغاضبين من اختياره لهذا الدور، ويرون أنه لا يمكن وغير مناسب ولا يليق وو... إلى آخره من الأسباب، أقول إنه لو افترضنا أنه فشل في تجسيده ماذا يضير أحمد زكي أو محبيه؟ هل تتأثر مسيرته أم سيكرهه الجمهور؟!... لا شيء من ذلك، ومن حق أي فنان أن يجسد من يختاره من الشخصيات، والحكم في النهاية للجمهور.
اتركوا الرجل يخوض التجربة؛ إن نجح فيها خير وبركة، مثلما يقولون، وإن فشل فلن يدفع الثمن سواه ولن نرحمه من النقد وقتها وهذا حق الجميع، مع التأكيد مرة أخرى على أن مسيرة أحمد زكي لن تتأثر بفشل أحدهم في تقليده أو العكس، المهم ألا ننساق وراء انفعالات مبالغ فيها أو هشتاجات مدفوعة، والأهم من ذلك ألا يروج محمد رمضان للمسلسل بأسلوب نمبر وان، بل على طريقة أحمد زكي؛ احتراما للفنان الذي طلب رضا الجمهور ولا أحد يتساوى معه، لأنه لم يكن فقط صعب التكرار، بل صعب التقليد أيضا.
اقرأ أيضا:
ظهور يوسف فوزي... لو أن زاوية التصوير أعلى قليلا!