في خلال رمضان الحالي، بجانب الممثلين الرئيسيين الذين نالوا إشادة من الجمهور والنقاد، وجدنا عدة ممثلين في أدوار ثانوية أيضًا قدموا أدوارًا ربما نالت تقدريًا أكثر مما ناله بعض الممثلين الرئيسيين. المشترك بين الكثير من هؤلاء هو كونهم من الممثلين الذين تمتد خبرتهم إلى عدة سنوات، لكن الجمهور تعرف عليهم في السنوات الأخيرة فقط.
في خلال السطور التالية سنختار عدة أسماء برعت في الأدوار الثانوية في رمضان الحالي.
1- شريف الدسوقي، سباعي في "بـ100 وش"
في عام 2018 حصل شريف الدسوقي على جائزة أفضل ممثل من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن دوره في فيلم "ليل / خارجي" إخراج أحمد عبد الله، هذا الدور وهذه الجائزة كانا بمثابة شهادة الميلاد الفنية لهذا الممثل إذ لفت أنظار الكثيرين، ورغم أن الفيلم لم يحقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا وقت عرضه، فإن شريف الدسوقي بقي في الأذهان.
في العام الماضي شارك الدسوقي في مسلسل "لمس أكتاف"، لكنه لم يكن الدور الذي يلفت له الأنظار، ليظهر في العام الحالي بشخصية سباعي في "بـ100 وش" فتنهال عبارات الحب على الدسوقي وسباعي أو "سبعبع" كما ينادونه في المسلسل.
سباعي كومبارس فاشل مدمن للخمر، لا يستطيع التفكير في أي شيء غير شرب المزيد، فاقد للتركيز تمامًا، ويتسبب هذا في ارتباك كبير أثناء تنفيذ العملية. لكن رغم ما سببه سباعي من مشكلات، فإن الجمهور أحبه. يقدم الدسوقي شخصية سباعي بأداء كوميدي يعتمد فيه على تعبيرات وجهه وحركة عينيه الزائغتين دائمًا، مع طريقة كلام ثقيلة في أغلب الأحيان نتيجة شرب الخمر، تضع الأحداث سباعي بصفاته هذه في صدارة عملية السرقة، لنشاهد إتقان الدسوقي في الحفاظ على صفات شخصية سباعي حتى وهو يضع مكياج المحامي ويؤدي دور المحامي في البنك، فلا نجده ينسى الشخصية الأصلية ويقدم المحامي بشكل مختلف، بل نستطيع مشاهدة سباعي دائمًا.
2- محمد عبد العظيم، سامح في "بـ100 وش"
ربما هي المرة الأولى التي يأخذ فيها الممثل محمد عبد العظيم دورًا بهذه الأهمية، رغم أننا شاهدناه مرارًا من قبل في أدوار يغلب عليها الشر، ففي الأغلب هو رجل عصابة أو شخص مؤذي.
المميز في دور محمد عبد العظيم في "بـ100 وش"، وهو أمر يحسب بالتأكيد لمخرجة العمل كاملة أبو ذكري، هو أنه يؤدي هنا أيضًا شخصية شريرة، لكنه شره مختلف، هادئ ولا يعتمد على قسوة الملامح وضم الحواجب لإظهار الشر. سامح موظف مرتشٍ تلجأ إليه العصابة لتزوير بعض الأوراق لإتمام العملية، لكنه يطمع في مبلغ كبير من العملية، وهكذا يُطلق عليه عمر (آسر ياسين) لقب الضلالي.
بخلاف الأدوار السابقة التي كان محمد عبد العظيم فيها يؤدي دور الشرير فقط بلا مواربة دون أن نعرف أية أبعاد أخرى لشخصيته، نشاهده هنا في شخصية لها تاريخ، ولها دوافع، ودافعه هنا هو حب النقود، سامح يحب كنز النقود، فهو يدفنها في الأرض ولا يبدو عليه أنه ينفقها إذ لا يظهر عليه أيًا من مظاهر الثراء، لكنه يريد المزيد دائمًا.
يقدم عبد العظيم دوره بهدوء معتمدًا على ملامحه المصرية جدًا، إذ يبدو بالفعل كشخص يمكن أن تقابله في مصلحة حكومية سواءً كموظف أو كشخص يقضي إحدى حوائجه، لكنه لا يخلو من لؤم واضح. الهدوء سمة مهمة أيضًا لدى سامح لأنه شديد التصالح مع نفسه، لا يضيره على الإطلاق أن يوصف بالضلالي أو "شيخ المنصر" بل إنه يرد على هذه الإهانات بابتسامة بسيطة قائلًا "أنا عايش بالكلمتين الحلوين بتوعكم"، دون افتعال ودون تصنع.
هكذا نجد أن محمد عبد العظيم يقدم شخصية تشبه في بعض تفاصيلها الشخصيات التي قدمها من قبل، ولكنه يعيد توظيف إمكانياته ليقدم شخصية قريبة من الواقع، وليس مجرد شخصية شريرة تقليدية، وربما يكون هذا الدور بمثابة نقطة تحول في مسيرة عبد العظيم، فنشاهده لاحقًا في أدوار أكثر اختلافًا، خاصة بعدما عرف المشاهدون اسمه وحفظوه.
3- عارفة عبد الرسول، شويكار في "اللعبة"
صار الحديث عن إتقان عارفة عبد الرسول مؤخرًا أمرًا معتادًا، ولكنها أضيفت إلى هذه القائمة نظرًا للكوميديا المميزة التي قدمتها في "اللعبة". الكوميديا في حد ذاتها ليست جديدة على هذه الممثلة المتمكنة، بل إننا شاهدناها قبل أعوام قليلة في مسلسل "الوصية" وهي تقدم شخصية امرأة خرساء ومع ذلك استطاعت أن تضحكنا.
في الوصية تقدم شخصية حماة بطلي العمل، شويكار المعتزة بنفسها والتي تحب أحد صهريها أكثر من الآخر، ثم تدخل في قصة حب قوية مع بسيوني (سامي مغاوري) مدير الأمن في الفندق الذي تعمل فيه إحدى بناتها. من أفضل العناصر في اللعبة، تطور العلاقات بين الشخصيات، إذ لا يكتفي العمل بالتركيز على اللعبة نفسها أو البطلين الرئيسيين، بل على الشخصيات الثانوية أيضًا، هكذا نجد شويكار تمر بعدة تحولات في علاقتها بصهريها أثناء الأحداث.
لكن عارفة عبد الرسول لا تكتفي بشخصية شويكار فقط في أحداث المسلسل، إذ تضطر إلى المشاركة في اللعبة مما يجعلها تتقمص شخصيات أخرى، وهو ما يضيف إلى مساحة الكوميديا التي تقدمها الشخصية، إذ أنها تقدم أداء مخالفًا تمامًا لشخصية شويكار الوقورة، يأتي هذا بجانب شخصية شويكار الرومانسية الرقيقة في المشاهد التي تجمعها مع بسيوني، لتصبح قصة حب شكشوكة وبسبوسة من عوامل الجذب القوية داخل أحداث المسلسل.
4- بيومي فؤاد، منعم في "خيانة عهد"
الاسم الأشهر بالتأكيد في هذه القائمة، رغم أن الجمهور تعرف عليه في أدوار صغيرة في البداية، ربما كان أشهرها الدكتور ربيع في "الكبير أوي" منذ عشر سنوات تقريبًا، فإنه أصبح اسمًا معروفًا بقوة نظرًا لانتشاره في الكثير جدًا من الأعمال سنويًا، أو لنقل شهريًا، سواء في السينما أو التلفزيون، وسواء في دور بطولة أو ضيف شرف.
سبب اختيار بيومي فؤاد في هذه القائمة هي أننا نشاهده في "خيانة عهد" يتخلى في واحدة من المرات النادرة عن الكوميديا. بالتأكيد توجد في مسيرته أدوار غير كوميدية، حتى أنه لعب دور وزير الداخلية في فيلم "القرد بيتكلم"، لكن من النادر أن نجد هذه الأدوار مشهورة ومعروفة بقدر أدواره الكوميدية، ناهيك عن أن أداؤه حتى في هذه الأدوار ينطوي على كوميديا مستترة. ربما يكون الاستثناء الأبرز هو دوره في "موجة حارة".
في "خيانة عهد" يلعب بيومي فؤاد دور منعم الذي تزوج عدة مرات من قبل لكنه الآن واقع في حب عهد (يسرا) ويحاول مساعدتها ومساعدة ابنها للتقرب منها. كما ذكرنا فإن بيومي فؤاد -حتى في أدواره الجادة- لا يخلو أداؤه من كوميديا، بينما نجده هنا يلتزم بالشخصية بشكل واضح، فلا يقدم الكوميديا إلا في مشاهد محددة وقليلة، في إطار تعليقات ساخرة تأتي في وقتها، بينما شخصيته جادة في أغلب الأوقات، إذ يقدم دور الشخص المسؤول الذي يحاول تقديم يد المساعدة، ولفت انتباه عهد، وهو أمر يحسب بالتأكيد لتوجيه المخرج سامح عبد العزيز للاستفادة من قدرات بيومي فؤاد.
في أحد المشاهد يتحدث منهم مع هشام (خالد أنور) ابن عهد لينصحه بالتعافي من الإدمان فيحكي له عن أول مرة دخن فيها وخوفه من والده، يقدم بيومي هنا الأداء بملامح صادقة وهو يجمع في نصيحته لهشام بين الأبوة والصداقة ليأتي أداؤه مناسبًا ويشبه الشخصية، ويختلف كذلك عما قدمه بيومي فؤاد من قبل، وهذه الملامح نشاهدها في شخصيته طوال الأحداث.
اقرأ أيضا:
مسلسلات رمضان.. زيارة إلى 3 أزمنة مختلفة