ارتبط شهر رمضان منذ الطفولة ببرامجه والمحتوى المميز الذي يقدمه التليفزيون خلال الشهر الكريم، ولعل أبرز ما التصق في ذهني هي فوازير رمضان بخفة استعراضاتها وبرنامج "الكاميرا الخفية" الذي كان يعتمد على مقلب طريف يفاجئ الضيف بأقل قدر من الخسائر النفسية.
اقرأ أيضًا: أمينة خليل عن فستان رانيا يوسف : لا يليق
خلال السنوات العشر الأخيرة اختلف الأمر تمامًا، فأصبح شهر رمضان مرتبط ترفيهيًا إلى جانب المسلسلات ببرامج مقالب ولكن من نوع آخر، بدأها الفنان رامز جلال في 2011 ببرنامج "رامز قلب الأسد" وصولًا إلى برنامج هذا العام، وما بينهما انطمس شكل برامج المقالب التي عهدناها في طفولتنا ووصلنا لمشاهدة ذروة الإيذاء النفسي الذي يتعرض له الضيف.
يبدأ رامز جلال في استدراج الضيف بخدعة حلوله ضيفًا على برنامج مختلف له واجهة إعلامية موثوقة استعان فيها رامز بأسماء لها وزنها منهم نيشان ومجدي عبد الغني ومهيرة عبد العزيز وجاد شويري ومؤخرًا المطربة أروى، وبعد اندماج الضيف في الفقرة الخداعية يبدأ المقلب الحقيقي.
تغيرت فكرة المقالب التي قدمها رامز جلال طوال السنوات الماضية، إلا شيئان لم يتغيرا بل تطورا وهما قسوة المقلب وإهانة الضيف، فالقسوة التي يمر بها الضيوف خلال المقلب وما يتعرضون له من وسائل تعذيب انتقدها كثيرون على مدار السنوات الأخيرة جعل البعض يخرج بفكرة دفاعية وهي "إن الضيف راضي ورامز راضي مالك أنت يا قاضي"؟
وهذا الدفاع يشكل كارثة ، لأن علم الضيف بما سيلقاه من إهانة وتعذيب في البرنامج خلق في البداية نوعًا من التعاطف عند المشاهدين تحول مع الوقت لدى قطاع منهم إلى نوع من التلذذ بمشاهدة العنف كما الحال في المصارعة الرومانية القديمة التي تأسست على طقوس ترفيهية بربرية، والمبرر لدى من يشاهد "أن طالما قابضين يبقى يستاهلوا"! في تجاهل لكل القيم الإنسانية التي يرفضها الناس بالفطرة.
بالإضافة إلى تقبل الضيف لإهانته بأريحية كبيرة دون النظر إلى نفسية المشاهد الذي يسمع ما لا يسره حول سلوكيات هذه الفنانة أو وزن تلك التي وصفها بـ "برميل طرشي" والأخرى بأنها "ميكروباص" وحالة الأخيرة الاجتماعية التي خلعت "مريلة المطبخ" وحصلت على لقب مطلقة فتستطيع فعل ما تشاء.
المتلقي بطبعه يتأثر بما يشاهد على الشاشة خاصة في الحالات التي قد يعاني فيها من أزمة نفسية أو اجتماعية أو أزمة ثقة بالنفس مع شكله ومظهره فينعكس عليه، لأنه يشعر بنفس مقدار الألم الذي يشعر به الضيف وربما أكثر لأنه على الأقل إذا تم تعويض الضيف ماديًا فمن يعوض المشاهد الذي استمع إلى هذه الوصوف الجارحة؟
"رامز مجنون رسمي" هو أحدث البرامج التي يتم عرضها حاليًا على الشاشة وفيها من الإذلال والمهانة للضيف ما تقشعر له الأبدان، فالفكرة مليئة بالسادية المبنية على شل حركة الضيف والتنكيل به وهو مقيد إلى كرسيه بلا حركة واحدة ومجبور على طاعة أوامر المضيف الذي لا يتوانى عن دفعهم لسب أنفسهم والأغرب من ذلك هو استعداد الضيف لهذا الأمر وتقبله لإهانة نفسه بسهولة.
السؤال الذي يطرحه كثيرون اليوم، هل المقابل المادي الذي يحصل عليه الضيف في سبيل ما يتعرض له من إهانة وربما "قلة قيمة" على الشاشة هو مقابل مغري لهذه الدرجة؟ وسواء كان على علم بالمقلب قبل خوضه أوعلم بعد ذلك فهذه قضية لا تهم إن كان الهدف هو تسلية المشاهد، لأن ما يهم هو كيفية تقديم هذه الرسالة النبيلة بصورة لا تسبب أذى لا لشخص الضيف ولا لمن يتابع المقلب.
في النهاية بيان مستشفى الصحة النفسية بالعباسية والذي طالبت فيه المستشفى اليوم بإيقاف عرض البرنامج هو بادرة أمل بأن إحدى المؤسسات المؤثرة نفسيًا لا زالت تراقب بعين الإنسانية ما يقدم للأسرة المصرية واضعة في عين الاعتبار ما قد يعود بالسلب على صحة الأسوياء والمرضى النفسيين الذين قد يتضرروا أيضًا من اسم البرنامج الذي لم يراع هذا القطاع أو يحترم معاناته.
اقرأ أيضًا:
mbc ترد على انتقادات برنامج رامز جلال
شاهد- رامز جلال يخلع حذاء أمينة خليل على كرسي التعذيب