ضمن عروض (الست شبابيك من الصحراء)المعروضة في شبكة نتفلكس وهي عبارة عن ست أفلام قصيرة من إنتاج شركة تلفاز تم اختيارها للعرض في المنصة، كان هناك عرض للفيلم السعودي القصير (ومن كآبة المنظر) من تأليف وإخراج الأخوين قدس صهيب وفارس وشارك معهم في الكتابة الفنان السعودي هشام فقيه ومن بطولة صهيب قدس ومحمد البكري ومؤيد الثقفي، حرصت على مشاهدة الفيلم بمجرد نزوله في نتفلكس كأول فيلم في هذه السلسلة بسبب أن الأخوين قدس هما مؤلفي ومخرجي فيلم (شمس المعارف)، فيلم الافتتاح لمهرجان البحر الأحمر السينمائي ـ قبل تأجيله ـ، يروي الفيلم قصة من في فترة سبعينيات القرن الماضي، عن مجموعة من الناجين من حادث تحطم طائرة فوق منطقة صحراوية نائية التعايش بعد عدة محاولات فاشلة للتواصل مع العالم.
بالبداية لفتني عنوان الفيلم المآخوذ من دعاء السفر الذي اعتدنا على سماعه مع كل رحلة وهي نعوذ بك من كآبة المنظر، عادة هذا الدعاء الذي يقال لضمان السلامة والحماية من كآبة المنظر التي تكون ربما بسفرة سيئة بأحداث مرعبة. ثيمة العيش في جزيرة نتيجة حادثة ما ثيمة مغرية وفيها العديد من القصص وفيها العديد من الأفكار التي تطرح ومن أشهر من تطرق لها المخرج صلاح أبو سيف في فيلمه الجميل (البداية) بطولة أحمد زكي ويسرا.
في المصاعب والكربات ربما تظهر حقيقة الإنسان دون تزييف وتجميل، خصوصا عندما تشعر بخطر فقد الحياة، هنا تبرز غريزة البقاء على قيد الحياة. هنا تتغير المفاهيم والأولويات تصبح قيمة النار أهم من قيمة النقود وشاهدنا كمية المبالغ التي كانت بحوزتهم، العلاقات بين المسافرين المنكوبين متوترة للغاية، وبعد أيام من الاعتياد على بعض ومن تقسيم المؤونة بينهم بالتساوي.. وجدوا مسجل كاسيت من ضمن المقتنيات التي كانت في الطائرة وكان كاسيت لطلال مداح وبمجرد تشغيل الأغنية، بدأ وكأنه رحمة وطيف ملائكي مر عليهم وبعث فيهم السكينة والهدوء ..
شاهدنا ضحكاتهم لأول مرة وهنا إشارة لقيمة الفن والإبداع في الحياة وبأنه ضرورة وليس مجرد ترفيه
في الجزء الأخير من الفيلم وصراع الماضي والحاضر وعدم تصديق ماقيل ونقل لهم من الشاب الآتي من هذا الزمن الحديث ـ بداية بدا لي وكأنه من باب المبالغة ـ لكن مباشرة تذكرت قصة الحاج الباكستاني الذي قدم لمكة قبل أكثر من تسعين سنة للحج، ذلك الوقت استعان هذا الحاج الباكستاني بالبوصله لكي ترشده إلى طريق مكة المكرمة لتسهل عليه الطريق وتنقذه من الضياع هذه الصحاري. ولقد ساق القدر هذا الحاج الباكستاني المرور من أرض المجمعه ـ مدينة صغيرة شمال الرياض ـ ماشيا على قدميه حاملا معه هذه الآلة الغريبة، فلفت أنظار من كان حوله وهو يمشي بطريقه وكأن الآلة هي من تسير هذا الرجل ووجود كتب ذات رسم غريب ومبهم، تم القبض على هذا الحاج وإحالته على مشايخ المجمعه وبعد جلسة استجواب المشايخ مع الحاج الباكستاني ولم يستطع إقناع المشايخ بفوائد تقنية هذه الآله لتسهيل طريق الحج الى مكة، حكم عليه بالقصاص وضرب عنقه لاستخدامه السحر والشعوذة عن طريق هذه الآلة وبحوزته طلاسم سحرية غريبة … فالإنسان عدو ما يجهل خصوصا في المناطق المحافظة البسيطة، وبسب جهله ربما يدمر نفسه ويحطمها ويضيع عليه العديد من الفرص.
فيلم (ومن كآبة المنظر).. جيد الفكرة ولو أنه هناك تشتت في النهاية وتشعب، أداء الممثلين كان متوسطا إلى جيد وعابه المبالغة والتصنع في أداء بعض الممثلين، الإهتمام بتفاصيل السبعينيات من اكسسوارات وملابس كانت مميزة جدا ودقيقة جدا رغم صعوبة المهمة في توفير المتطلبات لذلك الوقت، الموسيقى التصويرية جيدة جدا، الفيلم جريء في عرض بعض الصور وبعض الألفاظ ـ وبرأيي هذه تحسب للفيلم ـ فيلم (ومن كآبة المنظر) جيد الصنع به عدد من العيوب هو تجربة تبشر بمخرج ومؤلف خيالهم واسع ويملكون أفكار جميلة والأهم الحاجة لتجارب أكثر.
اقرأ أيضا:
في موسم الرياض... "عطل فني" أكبر الرابحين