لن أكرر كلمات يكتبها مئات الكتاب كل عام في ذكرى حرب أكتوبر المجيدة، عن الفخر ببطولات هذا الحدث الخالد، الذي نحيا مرفوعي الرأس بقوة دفعه المعنوية حتى الآن، فإعادة الكتابة عن الحقائق لا يفيد، خاصة إذا كانت مزروعة في نفوسنا حتى أصبحت جزءا من الشريط الوراثي للمصريين، ينقلونها لأبنائهم جيلا بعد جيل.
ما أود الحديث عنه اليوم هو تلك الأفلام التي خرجت سريعا إلى النور تؤرخ لحرب أكتوبر، ولم يفت على النصر سوى عام أو خمس أعوام فقط، لا أحد ينكر أن المجتمع كان في هذه الفترة بحاجة للفرحة والتباهي ببطولاته وبطولات أبنائه، من حق كل مصري أن ينتشي سعادة ويتيه فرحا وثقة وشموخا بما حققه في هذه المعركة الملهمة التي لامست حد المعجزات.
كان خروج هذه الأفلام للنور حينها ضرورة وفرض عين لا يمكن تأخيره، لكن وبعد مرور كل هذه السنوات (46 عاما) هل يعقل أن تظل هي المرجعية لهذا النصر العظيم؟
الإجابة معروفة ولا تحتاج تفكير طويلا، والكرة الآن في ملعب المسئولين عن السينما والثقافة والإعلام في مصر، نناشدهم منذ فترة بالعمل على تقديم أعمال سينمائية ووثائقية تليق بالنصر وتعرف به الأجيال الجديدة داخليا وخارجيا عظمة الإنجاز الذي حققه آبائهم وأجدادهم.
هذه الأجيال التي وجدت نفسها تشاهد سنويا وفي كل مناسبة وطنية أفلاما مضى على صناعتها ما يزيد على الأربعين عاما، هل يعقل أن يشاهد الشباب أعمالا سينمائية تم تنفيذها على عجل، وبإمكانيات ضعيفة ماديا وتقنيا، في عصر وصلت فيه التقنية السينمائية وتكنولوجيا الصورة والجرافيكس حدود لا يتخيلها العقل؟
عيب علينا أن نترك هذه الأعمال التي أبكت المشاهدين، وجعلتهم يعايشون المعركة والاستعداد لها ويشاهدون تضحيات ودماء أبنائهم يشعرون حين عرضها، تتحول بمرور الأيام وتطور الصورة المرئية إلى مادة قديمةة لا تناسب العصر الحديث، بل وتتحول لمادة للسخرية، في عصر لم ينج فيه أحد أو شيء من السخرية.
فتلك الأفلام بسيناريوهاتها التي تمتلئ بجمل عظيمة، تحولت بفعل الزمن واختلاف الثقافة إلى (كلشيهات)، لا تتتقبلها ذائقة المشاهد الذي أصبح أكثر اطلاعا على فنون السينما في العالم، لم تعد مناسبة لتقديم هذا النصر العظيم لأجيالنا الجديدة.
اقرأ أيضا للكاتب
بعد أكثر من 50 عاما ... مصير أبطال "السقوط في بئر سبع" الحقيقيين
"الممر"... يفتح الطريق لبطولات الجيش المصري إلى شاشة السينما