"كدا بردو يا سونة يا خاين .. متسألش فيا".. كلمات عاتبت بها النجمة السينمائية هند رستم الشاب الخجول "حسين" لعدم اهتمامه بها، كدبة صغيرة تحولت بمرور الوقت مع الصدفة الغير مدبرة إلى حديث المدينة بأكملها في فيلم " إشاعة حب".
يمثل هذا الفيلم مزيجا رائعا من الكوميديا والرومانسية ينتقل فيها مبدع الكوميديا فطين عبد الوهاب برشاقة بين مشهد وآخر بسلاسة وتلقائية، واللافت هنا ابتعاد الأبطال عن النمط السائد الذي كان يظهرون به في تلك الفترة، فنرى عمر الشريف الدونجوان الذي تتهافت عليه النساء يجسد دور شاب خجول مندفع ليس لديه أدنى خبرة في التعامل مع النساء، فيما نرى يوسف وهبي عملاق التراجيديا في تلك الحقبة في دور العم العجوز المتصابي زير نساء، تلك الأدوار التي كانت مخصصة لآخرين مثل اسماعيل ياسين في دور "حسين" وعبد الفتاح القصري في دور "عبد القادر" وكان التحدي أمام المخرج المبدع لإيجاد بديلا ولكن من الواضح أنه ليس بديلا مختلفا بعض الشئ.
اعتمد عبد الوهاب على تفصيلة رائعة في مدخل الشخصيات وتعريفها أمام الجمهور وهي "الصوت" فنلاحظ هنا أن صوت كل شخصية من الشخصيات يسبق ظهوره أمامنا على الشاشة ، ففي بداية الفيلم تظهر شخصية "محروس" التي يجسدها عبد المنعم إبراهيم بخفة ظل لتقليد صوت عمه "عبد القادر النشاشئي" ولا نعلم على الفور لماذا يقلد "محروس" صوت عمه ويخبر زوجتة بأنه منهك للغاية في عمله! إلى أن يأتي ظهور "عبد القادر النشاشئي" الذي يجسده يوسف وهبي وهو عائد إلى منزله في وقت متأخر من الليل سكير يمسح أحمر الشفاه من على وجهه وخده ويبرز هذا التناقض بين ما ورد في المكالمة وبين الواقع تعريف تلك الشخصية وحقيقتها.
صباح اليوم التالي على مائدة الإفطار يتحدث الجميع عن "حسين" دون أن نراه بعد ونعلم أنه سيآتي على مائدة الإفطار بعد 3 دقائق وهذا يدل على أن هذا الشاب منضبط في مواعيده ثم نسمع صوت "حسين" العالي الذي يجادل "محروس" حول أمر ما يرفض الكذب بشأنه ونفهم من ذلك بأنه شخص يكره الكذب ثم يأتي ظهور "حسين" بهيئة أقرب للمحافظة ونظارة واسعة ورابطة عنق ضيقة وشارب كلاسيكي.
سرعان ما تأتي مكالمة من "سميحة" ولكننا لا نسمعه هذه المرة إلا من خلال نظرات "حسين" لصورتها المعلقة على الحائط مع موسيقى رومانسية حزينة، مما يدل على علاقة حب من طرف "حسين" لإبنة عمه.
تتسلسل الأحداث ليظهر منافس جديد لـ"حسين" وهو "لوسي" ابن خالة "سميحة" الفتاة البريئة الساذجة التي تنخدع بالمظاهر، وتجسدها ببراعة شديدة سعاد حسني "لوسي" يجيد الرقص والغناء وله مغامرات عاطفية تجعل "سميحة" واقعة في غرامه وهنا تخطر ببال عبد القادر فكرة كوميدية لإيقاع "سميحة" في حب "حسين" عن طريق إيهامها بأن "حسين" على علاقة بالنجمة المعروفة هند رستم ونجح فطين عبد الوهاب في توظيف الأبطال وفقا لطريقة ظهورهم في البداية وما يجيدون فعله فنجد "محروس" مقلد الأصوات يقلد صوت هند رستم ببراعة شديدة في مشهد ظل خالدا في ذاكرة السينما المصرية حتى وقتنا هذا.
"عبد القادر النشاشئي" الذي يجيد الخداع حيث ظل يتظاهر أمام زوجته بأنه الزوج المستقيم الذي يهم بشئون عمله فحسب، وهنا يدعى بأنه لا يعلم شيئا بل يلوم "حسين" على ما فعله وهو مبتكر الخطة منذ البداية، بينما يعاني "حسين" الذي لا يجيد الكذب من تلك الأكذوبة التي كادت أن تدمر حلمه الوحيد.
بإطلالة براقة جذابة يأتي ظهور بطلة الشائعة الحقيقية هند رستم حيث شاءت الأقدار أن تأتي إلى بورسعيد موطن "حسين" كي نعلم هنا أن تلك الكذبة ستورط صاحبها، ولكن ! تشهد الأحداث أيضا تورط الممثلة الشهيرة بشكل آخر!
كوميديا الموقف تلك التي كانت المتحكم الرئيسي في الأحداث، فمع كل لقطة جديدة نجد أن أصوات الضحك تعلو عن اللقطة التي تسبقها فكل شخصية تتنافس في إخراج كم هائل من التعليقات غير المنطقية وفقا لتسلسل الأحداث مع السيناريو المرتب المنظم واستغلال مساحة الشخصيات لخدمته خرجت تحفة فنية لن تتكرر.