أغلب الأخبار الفنية التي تتناولها الصحافة مؤخرًا أصبحت عبارة عن ردود من الفنانين على متابعيهم أو بمعنى أدق "خناقات" بينهم، وفي الحقيقة الموضوع أخذ منحى جديدًا لدى كلا الطرفين، فجمهور مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت انتقاداته تصل حد الشتائم والتدخل في الخصوصيات، والفنانين كذلك أصبحوا يتصيدون مثل هذه الردود ليعلقوا عليها، لكن في ظل "هوجة" الشتائم والردود يقع بعض المشاهير في فخ الأفورة والمبالغة التي تسبب نتائج عكسية بالتأكيد.
أما الأزمة بالتفصيل فنوضحها من خلال هذا المثال.. حلا شيحة الفنانة التي ارتدت الحجاب ومن بعده النقاب لسنوات طويلة وكانت بمثابة داعية للكثير من النساء، عادت فجأة لتخلعه كاملًا معلنة العودة للفن في أغسطس الماضي. وبالتأكيد قبل أن تتخذ هذا القرار كانت تعلم تبعاته وموقف الجمهور منها كونها شخصية مشهورة، لا سيما في مجتمعنا الذي يشكّل الدين فيه حدَّا مقدّسًا لا يُمس، حتى وإن كان في المظاهر، حتى وإن كان الشخص المُّنتقِد لا يفعله.
دشنت "حلا" حسابات رسمية على مواقع التواصل بعد ذلك، وأصبحت تنشر صورًا حديثة لها بعد خلع الحجاب، مع كل صورة تنشرها كانت تتزايد التعليقات التي تطالبها بالعودة لـ"الالتزام" مرة أخرى ووو... لم تتحمل الفنانة هذا الأمر فأغلقت التعليقات، إلى أن أضحت أقوى في التعامل ففتحتها مرة أخرى. كذلك ملابسها التي لم يكن بها أي عري منذ خلع الحجاب كانت لافتة للجميع، لذلك ظهورها الأخير بفستان مكشوف من الأعلى كان بمثابة نقلة كبيرة في العلاقة بينها وبين منتقديها من المتابعين وردودها عليهم، فإحداهن تسألها عن سبب تركها لأولادها فتقول لها "خليكي في حالك"، وأخرى تعلق على فستانها كاتبة: "ربنا ينور بصيرتك ويهديكي"، فترد عليها بقولها: "سبتلكم الهداية ليكم"، وهكذا مواقف مختلفة من الجدل المستمر الذي لا ينتهي.
في النهاية حلا شيحة فنانة معروفة، وقرارها بالحجاب أو خلعه كان بنفس القدر من الجدل، لكن الضغوط الآن بالتأكيد أقوى كثيرًا بسبب مواقع التواصل الاجتماعي. ومع تزايد الضغط تتزايد متطلبات المسؤولية والاتزان بلا شك، فهؤلاء المتابعين الذين سألوها عن أولادها أو فستانها أو حجابها أو غيره لم يكن أحد ليقرأ تعليقاتهم أصلا وقلما يتابع الجمهور التعليقات على حسابات المشاهير، لكن بردها لفتت الانتباه لما قيل لها، أو مثلما يقول المثل الشعبي "تعالى ياللي مشوفتش شوف"، فمن الذكاء والنضج أن تتجاهل كل ذلك وتمضي بحرية فيما تريد، مع الوضع في الاعتبار أنه من حق الجمهور أن ينتقد، وأن أي فنان بلا جمهور لا يساوي شيئًا.
أما محمود العسيلي الفنان الذي لا يمل من تكرار أزماته مع الجمهور، فقد أثار أزمة جديدة خلال الساعات القليلة الماضية، بإحراجه لأحد المعجبين عندما أراد التقاط صورة معه. في الحقيقة العسيلي أفضل نموذج للفنان صاحب التعامل السيء مع الجمهور، فمن وصفه لإحدى المتابعات بأنها "حشرية" لسخريته من صاحبات الشعر المجعد _حتى وإن كان ذلك في سياق الرد على تصريحات مسيئة من إحدى الفنانات_، لحظره للملحنين والشعراء الجدد الذين يطلبون مساعدته ويعرضون عليه العمل معهم، بل وفخره بأنه يتجاهلهم.. كل هذا وغيره الكثير من المواقف السيئة له في الرد على الأخرين ومهاجمة الجمهور في التعليقات، لا تدل سوى على غرور فني وعدم نضج في ضبط الانفعالات.
وربما يكون هذا ما كشف عنه سابقًا وبتعبيرات دقيقة تصف حالته وانفعالاته تجاه تعليقات الجمهور، بقوله: "لما بأكتب بوست على تويتر وألاقي ناس بترد ردود يعجز اللسان عن وصفها وبقي بيفتح وعيني بتوسع وعروقي بتطلع وبيكون في ميكس بين إني عايز اعيط وبين إني عايز أدوس حد بعربية نقل.. السؤال المهم: الردود دي جاية من الجهل ولا الغباء؟ ولا بيبقى ميكس أو كومبو جميل بين الاتنين؟".. في الحقيقة كلماته تعكس حالة عنيفة من عدم الاتزان في التعامل.
لما بأكتب بوست على تويتر و ألاقي ناس بترد ردود يعجز اللسان عن وصفها و بقي بيفتح و عيني بتوسع و عروقي بتطلع و بيكون في ميكس بين اني عايز اعيط و بين اني عايز أدوس حد بعربية نقل..
— Mahmoud El Esseily (@Esseily) May 22, 2018
السؤال المهم : الردود دي جاية من الجهل ولا الغباء ؟ و لا بيبقى ميكس او كومبو جميل بين الاتنين ؟
وبخلاف ضرورة تعلم متى وأين وكيف يجب الرد على الجمهور، فإنه أصبح من اللافت عمومًا تدهور طريقة رد المشاهير على متابعيهم، فإن كان المتابع سيئًا وغير سوي لا تكن أنت مثله ثم تلوم عليه، فبعضهم يستخدم ألفاظًا بذيئة شأنه شأن أي شخص عادي غير مسؤول، مثل الفنان الشهير المقيم في حسابات خطيبته، لكن الفرق هنا أن هذا المشهور لا أحد يلومه، وكأنه ليس قدوة أو على الأقل وكأنه لا يدري ضريبة الشهرة، فيريد أن يأخذها بدون أي خسائر، فيكون المسموح للعامة مسموح له وفي الوقت ذاته لا يريد أن يعلق الناس على سلبياته انطلاقًا من مبدأ "أنا حر".. لا لست حرًا في كل الأمور حينما تختار الشهرة.
الخلاصة.. ما يسري على العامة لا يتم للمشاهير، فلا تطلب أن يعاملك الجمهور كشخص عادي في التعليقات على السوشيال ميديا، وأنت تعاملهم كنجم، فإما أن تخضع لقواعد الشهرة التي تعرض محتواك فيها عبر صفحات عامة مفتوحة، وإما لا تكن مشهورًا من البداية.
اقرأ أيضا
إعلامية تشهد ضد العسيلي: شوفته بيحرج الجمهور أكتر من مرة
بعد إحراجه لمعجب..قائمة تصرفات العسيلي المثيرة للجدل