قبل أكثر من 70 عامًا وُلد الفنان عزت أبو عوف لأب من الضباط الأحرار، هو الفنان أحمد شفيق أبو عوف، ولا عجب من لقب "الفنان" الذي يسبق اسم والده، فقد تساوى حبه لعمله في الجيش مع حب الفن، بعدما تعلّق بالفرق الموسيقية في شارع محمد علي بمجرد مجيئه من المنيا للقاهرة عام 1941، واستطاع تكوين فرقته التي عنيت بالحفاظ على التراث الموسيقي.
شاهد لقاء نادر لعزت أبو عوف في بدايته الفنية مع نجوى إبراهيم
باختصار هناك بيت فني متكامل نشأ فيه "عزت" بسبب والده، لكن في الوقت نفسه يصاحبه تربية منضبطة وصارمة في كل التعاملات، فكان "أبو عوف" الصغير متفوقًا في دراسته حتى تخرّج في كلية الطب، وامتهن طب النساء والتوليد لمدة 5 سنوات من بعد تخرجه، واللطيف أنه في كل مرة يقوم فيها بتوليد سيدة يكتشف أن المولود بنت، حتى أنه وُلد على يديه 200 طفلة، ولم يولد على يديه أي ذكور، فأصبح بعض الأزواج يتشائمون منه بسبب ذلك.
لكن ميوله الفنية الموسيقية زادت فانضم إلى عدد من فرق الموسيقى، إلى أن أسس فرقة ""Les Petits Chats في أواخر الستينيات. كما انضم لفرقة "البلاك كوتس"، ونال شهرة من خلالها. أما الشهرة الحقيقية له بدأت مع تكوين فرقة "فور إم" في أوائل الثمانينيات، التي تعاون فيها مع شقيقاته "مها ومنال وميرفت ومنى". وشاركت في عدد من المسرحيات، إلى أن توقفت أعمالها بعد 12 عامًا عقب زواج الأخوات، فاتجه للتمثيل وكان فيلم "أيس كريم في جليم" عام 1992 أول أفلامه، ومع ذلك لم يعتبر نفسه ممثلاً إلا بعد مسلسل "العائلة".
شاهد عزت أبو عوف وشقيقاته الأربعة يغنون "مغنواتي"
استكمل أبو عوف مسيرته الفنية بطريقة "أنيقة" إن جاز التعبير، فكان في أدواره الرجل الغني الجذّاب، الأنيق دومًا، الشرير غالبًا، الطيب أحيانًا، المتعدد المواهب في ما يُسند إليه من أدوار، حتى قدّم إلى الآن ما يزيد عن مائتي عمل فني بين سينما وتليفزيون ومسرح، وعددًا من البرامج التليفزيونية، لا سيما مشاركته للإعلامي عمرو أديب على مدار 11 عامًا في تقديم برنامج "القاهرة اليوم".
ورغم النجاح الفني الكبير إلا أن الحياة العاطفية لعزت أبو عوف شغلت حيزًا كبيرًا من حياته ومن اهتمام الجمهور على حد سواء، لا سيما بعد وفاة زوجته "فاطيما" عام 2012، حيث دخل في حالة من الحزن الشديد على رحيلها مما أدّى إلى مرضه، فقد جمعته بها علاقة قوية استمرت 40 عامًا، كان يعتبرها خلالها "كل حياته" وليس مجرد زوجة؛ كما كان يصفها دومًا، لذا مرّ بصدمة عصبية قوية عقب وفاتها، تجاوزها بصعوبة بعد سنوات، ورغم ذلك يعترف بفخره بأن حزنه على رحيلها لن ينته، فتلك القلادة التي يرتديها حول عنقه ولا يخلعها أبدًا بها "دبلة" زواجهما، التي قال إنها سترافقه حتى نهاية حياته.
والأصعب من حزنه عليها، هو الأزمات الصحية التي تعرّض لها عقب وفاتها، لا سيما مشاكل القلب، حيث اكتشف الأطباء أن لديه شريانًا مسدودًا بالقلب، فاضطر إلى إجراء جراحة قلب مفتوح، وهو ما جعله يؤكد أن الفترة من 2012 إلى 2015 كانت الأصعب والأسوأ في حياته.
بعد عامين من وفاة زوجته "فاطيما"، تزوج أبو عوف من مديرة أعماله "أميرة" في عام 2015، نظرًا لاحتياجه لشخص بجواره يرعاه، في ظل تكرار أزماته الصحية، غير مكترث باعتراض أسرته على هذا الأمر، لا سيما أولاده، حيث اعتبر زواجه منها هو الأنسب له وقتئذ، فهو يعرفها منذ 20 عامًا ويدرك إخلاصها وحبها له، لذلك لم يرد لها أن تخجل من تواجدها معه في المنزل أو تتعرض لمضايقات، خاصة أنها كانت تقضي ليالٍ كثيرة برفقته لرعايته صحيًا في فترة مرضه. والأهم من ذلك أنها تعرفه جيدًا ولا تشعر بالغيرة على الإطلاق من حبه لزوجته الراحلة.
لم يخش "أبو عوف" الاعتراف بندمه أو فشله في بعض الأعمال، حتى وإن كانت حققت نجاحًا لدى الجمهور، فقد أعرب من قبل عن ندمه على فيلم "جيم أوفر" مع يسرا ومي عز الدين، لأنه كان مريضًا وقتها ولم يتعاف من تأثير وفاة زوجته، فكان يأخذ أدوية مهدئة، الأمر الذي جعله يظهر على الشاشة كما لو كان مُخدَّرًا. أيضًا اعترف أنه قدّم أدورًا سيئة بسبب "الصحوبية والإفلاس" أو ظروف قاهرية لإنقاذ موقف، قائلاً في أحد حواراته السابقة: "قدمت شوية أفلام هايفة ولم أكن راضيا عنها, فقد قدمت أكثر من80 فيلم منهم20 هايفين بجد. والحقيقة أنه لا يوجد شخص لم يقدم أفلامًا وأعمالًا هايفة".
"أنا إنسان مسير تمامًا ولست مخيرًا بالمرة, وهذا ليس من الآن بل من بداية دخولي عالم المزيكا ثم عملي في التمثيل, كل ده كان بإيد ربنا ولم يكن لي تدخل فيه, وتقريبا كل شيء في حياتي جاء صدفة, فلم أسع بأي طريقة من الطرق لكي أدخل مجال التمثيل, ولا أعرف السبب في انتقالي من الطب للتمثيل. ومن هذا المنطلق لا أعتقد أنه لدي فضل فيما أفعله في حياتي.. أصلا الفن شغلانة مجنونة وغير ثابتة, ومالوش كبير ومنعرفش هنوصل فيه لفين.. وفي أزمتي الصحية الأخيرة, شعرت بغدره وكنت خايف جدا ومش عارف أنا رايح فين خاصة بعد وفاة زوجتي وأزمة قلبي, لكن الحمد لله ربنا أكرمني كرم ليس له أول ولا آخر".. هكذا تحدث "أبو عوف" عن حياته واختياراته ووجهة نظره فيما وصل إليه ككل.
أما ملخص حياته الذي قال إنه يُحب أن يكتب عنه بعد رحيله فهو "عزت أبو عوف طفل بلغ من العمر 70 عامًا.. عفوي، أحب الجميع والجميع يحبني. أنا أول من أدخل الأورج لمصر.. آه هي حاجة هايفة بس بحب إنها تتعرف". وها نحن بعد وفاته نكتب عنه ما يحبه؛ عن الفنان العفوي المحب للجميع.
رحمة الله عليك أيها الطفل الكبير...
اقرأ أيضًا:
بالفيديو- عزت أبو عوف يعترف: تعرضت للتحرش من سيدة ولو كنت إمرأة لـ "قطّعت الرجالة"
بالفيديو- هذا ما قاله عزت أبو عوف عن وصيته بحرق أعماله بعد وفاته