يشارك الفيلم المصري "أخضر يابس" للمخرج محمد حمّاد في الدورة المقبلة من مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي الدولي، الذي تقام فعالياته في الفترة من ٤ إلى ١٧ إبريل المقبل.
وكان الفيلم قد مثل مصر في مهرجان لوكارنو السينمائي، الذي يعد من أهم المهرجانات الدولية حاليا بقسم "صناع الحاضر"، وهو أول فيلم مصري يشارك به عبر دورات المهرجان الـ69.
أحداث الفيلم ترصد امرأتان تعيشان معا، دون وجود لأشقاء من الذكور أو أقرباء في المنزل وهي حالة غير مألوفة بين الطبقات المتعارف عليها في مصر، الأمر الذي يعقد الأمور بالنسبة لـ "إيمان" هبة علي الممرضة التي ترعى شقيقتها "نهى" أسماء فوزي التي على وشك أن تتم خطبتها، ولا يمكن أن تحدث هذه الخطوبة دون حضور أحد أفراد الأسرة من الرجال، عندما يأتي العريس برفقة والديه، ولكن لسوء الحظ لا تربط الشقيقتين علاقة وطيدة مع أقربائهما، ومع ذلك ليس هناك خيار آخر لذا تضطر "إيمان" إلى دعوة أعمامها وهو ما قابله اثنين منهم بالرفض لأعذار غير منطقية.
كما لو أن هذا ليس مرهقا بما فيه الكفاية لـ "إيمان" التي تنتظر نتائج التحاليل والفحوصات التي أجرتها بعد تأخر فترة الطمث لمدة شهرين، وهي الحالة المرضية التي لم تشاركها "إيمان" مع شقيقتها أو مع أي شخص آخر، كما تبدو إيمان دون أصدقاء، ولكن هذا الأمر لا يزعجها إذ تجمعها صداقة وطيدة مع مدير محل الحلويات الذي تعمل به، وتتسم إيمان بشخصيتها المنعزلة والتي دعت حياتها جانبا في انتظار خطبة شقيقتها "نهى" التي ستحررها وتجعلها تركز على وجودها في الحياة.
ويرى ناقد مجلة Variety جاي فايسبرج، أن المخرج محمد حمّاد عمد إلى ملأ القصة الأساسية بتفاصيل لا تعتمد كثيرا على الكلام وتساهم في تطور الشخصيات والبيئة المحيطة بهم بشكل ملحوظ مع تحسين المزاج العام، بدءا من اللقطة الأولى لشرفة "إيمان" في فصل الشتاء التي زرعت معظمها بالصبار، مرورا بالسلحفاة التي تمتلكها، مخلوق أليف يبعث على الراحلة النفسية ولكنها ثقيلة الوزن مثل البيئة المحيطة بـ "إيمان"، إذ أنها تسكن في شقة مساحتها واسعة ولكنها سيئة البناء وقاربت على الإنهيار، مع مصابيح كهربائية عارية، ورصد حمّاد الحي السكني المحيط بأبطال الفيلم بصورة تعكس ظهور الشقيقيتين كشخصيات وحيدة تفتقر للدفئ في مكان واسع.
ويقول الناقد "ما يمثل مفاجأة سارة حقا أن فيلم مصري مخرجه رجل ونجده يود مشاركة أحاسيس المرأة وعلاقتها بدورة جسدها الشهرية، ويبدو ذلك واضحا في مشاهد على مقربة من الفوط الصحية الخاصة بـ "إيمان" بصورة تدعو للتنافر، ونظرا لأن موضوع الحيض يتم التعامل معه كنوع من أنواع المحرمات بطريقة مثيرة للسخرية في معظم الثقافات تقريبا، يهيئ للجمهور أن تركيز "إيمان" على احضار أعمامها لتمثيل الأسرة أمام خطيب شقيقتها يعني أن عليها نسيان مشكلتها الطبية ولكن نجد أن مشكلتها الصحية تعود بقوة إلى الواجهة، وهو ما دعمه المخرج بشكل كبير.
المرة الوحيدة التي تتخيل فيها "إيمان" نفسها بصورة مختلفة عما هي عليه هي عندما ترتدي فستان وردي اللون، ووصف فايسبرج لجوء المخرج إلى حيلة الألوان لرصد بعض الحالات بالفيلم بالشئ المميز، بدءا من تقليل ألوان الفستان الوردي وتغييرها ببطئ إلى الرمادي والبنفسجي والبني مما يمثل انعكاس لحياة "إيمان" ، ونستنتج أن اللون الوردي يترك انطباعا معينا عنما تنظر "إيمان" للمرآة وتتخيل لمحة عن حياة مختلفة تعيشها ولو لمدة يوم واحد، بينما يمنح الضوء القوي الطبيعي توثيق أكثر للمشاهد.
وأشار الناقد إلى أن حمَاد نجح في جعل "إيمان" شخصية تثير تعاطف الكثيرين، كما عمد لإظهار تفاصيل الرواية بشكل غير مباشر والمثال على ذلك العلاقة المتوترة بين "إيمان" وابن عمها "احمد" يمكن أن نستنتج منها أنه كان هناك مشاعر قوية تجمع الثنائي فيما مضى في حين أنه لا شئ يذكر حول هذا الموضوع.
وأوضح فايسبرج أنه على الرغم من أن بطئ الأحداث وسردها بشكل تراكمي يمكن أن يكون من العوامل التي تضعف قصة الفيلم بالمقارنة إلى فيلم "الخروج للنهار" الصادر عام 2012 من اخراج هالة لطفي. إذ يشترك الفيلمان في عدة عوامل منها ضعف الميزانية، والأبطال غير المعروفين، والقصة التي تعتمد على النساء كأبطال، إلا أن فيلم "أخضر يابس" ليس عملا مقلدا، بل ثري وعاطفي للغاية، وشجاع أيضا، وتميزه قصة المرأة التي تحاول اتباع التقاليد من أجل زواج شقيقتها الوحيدة.
كما نجد أن كاميرا محمد الشرقاوي ترصد زوايا جريئة في بعض المشاهد لذا نشاهد صورة غير نمطية مثل التي نجدها في أفلام اخرى.
وأختتم الناقد "حياة (إيمان) غير المتكاملة والمليئة بخيبات الأمل، تجعلها الصورة الرمزية لعدد لا يحصى لأشخاص نراهم في الشوارع، وفي وسائل النقل العام، وجوههم تتسم بالكآبة في تعبير عن اليأس والتوتر الدائم.
اقرأ أيضا
اختيار فيلم "أخضر يابس" في مهرجان سان فرانسيسكو
"أخضر يابس" يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان "تشينينغ" الصيني