حالة من الذهول ستصيبك فور مشاهدتك فيلم "الأصليين" وخاصة عندما تكتشف أن نهاية الفيلم جاءت ومازلت تنتظر المزيد من المعلومات لتكتمل فكرة الفيلم في ذهنك.
إن قررت أن تشاهد "الأصليين" في السينما، فكن على أتم الاستعداد بأنك لن تشاهد فيلما كما اعتدت عليه، ولا بنهاية مفتوحة تسهل عليك توقع ما تريد لاستكمال قصة الفيلم.
ما شجعني لمشاهدة الفليم في السينما فور إصداره هو اسم المخرج مروان حامد بالتعاون مع الكاتب أحمد مراد اللذان اشتركا سويا في نجاح فيلم "الفيل الأزرق"، ولكن التجربة الجديدة مختلفة تمام.
فالفيلم على صعيد الإخراج والكادرات والصورة والألوان جاء على مستوى عالي للغاية، والفضل لذلك يعود للمخرج مروان حامد، وكذلك أداء الفنانين، الذين تبارزوا في تقديم شخصيات مرسومة بشكل جيد، وخلفياتهم الاجتماعية واضحة وهذا يُحسب للقصة التي تاهت كثيرا وسط الحوار.
حوار الفيلم جاء غامضا بعض الشيء في الكثير من المشاهد، فالمقصود بـ"الأصليين" لم يظهر واضحا في أي جملة حوارية، هل هم جن؟ أم أمن دولة؟ أم بشر مثلنا قرروا فرض نمط خاص على باقي سكان البلد؟ ولم تأتي أي جملة حوارية توضح أيضا كيف تم اختراق خصوصية حياة "سمير" الذي يقدمه ماجد الكدواني قبل تواجد الانترنت؟ وكيف تم تصويره في الحمام في مراهقته؟
قصة الفيلم جاء تصاعد الأحداث فيها بطيئا، فعندما تم قطع الفيلم للاستراحة تعجبت كثيرا لأن كم المعلومات التي تم تجميعها قبل الاستراحة كان قليلا جدا، والأحداث كذلك لم تكن بقدر الخروج لاستراحة مفاجئة، ونفس الأمر شعرت به مع نهاية الفيلم!
ومازاد من تعجبي بشكل أكبر من قصة الفيلم هو الكثير من الفجوات، فكما سبق ذكره، كيف تم تصوير "سمير"، وكذلك عندما وقع "سمير" على عقد الشراكة مع "الأصليين" مرت الكاميرا على بند أنه لا يحق للطرف الثاني فسخ التعاقد، فكيف تمكن بمنتهى السهولة من التملص من اتفاقه! وإن كان مازال مراقب فكيف لم يعاقب رغم أنه تم معاقبته من قبل؟! كل هذه الأسئلة لم يتم الإجابة عليها في الفيلم.
ربما أحمد مراد ليس مؤهلا في الفترة الحالية أن يقوم بكتابة عمل درامي للسينما مباشرة بمفرده، فكان عليه الاستعانة بفريق كتابة مثلا لتجربته الأولى.
أما الإخراج لمروان حامد فجاء ممتع وسلس، وكذلك استخدام المؤثرات البصرية والصوتية، خاصة مع موسيقى هشام نزيه التي كانت تزيد من جمال صورة حامد وإبداع فريق الممثلين، سواء من ماجد الكدواني الذي قدم شخصية عادية ورتيبة بطريقة مميزة وجعلته مختلف، وخالد الصاوي الذي جاءت نبرة صوته في الكثير من المشاهد مرعبة من نتائج مخالفة التعاقد، وجاءت مشاهده مع الكدواني دروسا في التمثيل.
أما البطولة النسائية لكندة علوش، جاء الدور مميزا وجديدا عليها بعيدا عن دور السيدة الناعمة الرقيقة، ولفتت الأنظار كذلك.
ومنة شلبي جاء دورها رغم بساطته فجاء معقدا بشكل كبير، وقدمته بحرفية فائقة مستعينة بملابس تشبه الشخصية المقسومة نصفين بين الجنة والنار والشهوة والعفة والموت والحياة، فجاءت لتقدم الدور بشكل احترافي.
ضيوف الشرف في الفيلم محمد ممدوح وأحمد فهمي ظهورهما جاء ظريفا ومشجعا للتجربة أكثر من مجرد ظهور لهما.
الفيلم بشكل عام ينقصه حبكة درامية أكثر من ذلك، وكان من الممكن إيجادها مع الحفاظ على حالة الغموض الذي فرضه الفيلم على مشاهديه، ربما تم ظلمه بسبب عرضه في موسم مليء بالأفلام التقليدية التي تتنافس على الإيرادات، بينما هو قد ينافس على جوائز.
-