في نهاية تتر فيلم Lion تظهر عبارة "80 ألف طفل يدخلون في عداد المفقودين كل عام في الهند"، نحن هنا أمام قصة حقيقية لطفل من هؤلاء الأطفال؛ تعرض لهذه التجربة القاسية لكنه كان محظوظًا لأنه وجد عائلته في النهاية بعد غياب 25 عامًا.
يجسد دور هذا الطفل الذي يدعى "سارو بريرلي" ممثلان في مراحل عمرية مختلفة، الأول "سوني باوار" وهو في عمر 5 سنوات عندما يتوه من عائلته التي تعيش في خاندوا بالهند، والثاني "ديف باتل" شاب يبلغ من العمر 30 عامًا يعيش في أستراليا يقرر أن يستخدم التكنولوجيا الحديثة وتحديدًا محرك البحث Google Earthكي يجد والدته وأشقائه.
يقدم المخرج جارث ديفيس، في فيلمه الروائي الأول قصة إنسانية واقعية ينجح من خلالها في المنافسة على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم سينمائي هذا العام إلى جانب 5 جوائز أخرى. وعلى الرغم من البعد عن الأجواء السياسية والقصص التاريخية المسيطرة على الجائزة الأهم في هوليوود منذ عدة سنوات، إلا أنه يتعرض للكثير من القضايا والأفكار الهامة المتعلقة بالهوية الشخصية والتبني والعلاقات التي تقوم على أساسه.
ينجح ديفيس في جذب انتباه المشاهد منذ اللحظات الأولى، وهذا يتوافق تمامًا مع كونه مخرج مواد إعلانية وتجارية ناجح وذائع الصيت. ولكن مع مرور الوقت تشعر أنك أمام فيلمين مختلفين لا تتشابه حالتهما كثيرًا، فالنصف الأول من الفيلم الذي يتتبع رحلة الصغير في شوارع الهند يتميز بالجاذبية وروح المغامرة أما الثاني حيث مرحلة البحث عن الذات والعائلة فهو ناعم ومختلف يحمل الكثير من الأبعاد النفسية.
يبدأ السيناريو، الذي كتبه لوك دافيس معتمدًا على كتاب السيرة الذاتية لـ"سارو بريرلي" A Long Way Home، في عام 1986 حيث نري "سارو" الصغير وهو يساعد شقيقه الأكبر "جودو" في سرقة الفحم من السكك الحديدية للحصول على القليل من الأموال، يظهر تأثر الصغير بشقيقه ورغبته في مشاركته كل شيء لهذا يصر أن يعمل معه ليلًا، وعندما يذهب معه يغلبه النوم فيضطر شقيقه لتركه، بعدها يستيقظ ويصعد إلى قطار غير محمل بالركاب يتجه به بعيدًا عن بلدته حتى يصل إلى كلكتا.
نذهب في رحلة تائهة مع "سارو"، تشعر من خلالها أنك داخل عقل الطفل يبلغ من العمر 5 سنوات، تفكر معه كيف يجب أن يتصرف ويهرب من المواقف الصعبة التي يواجهها، ساعد على ذلك أداء الصغير "سوني باوار" الذي اقتنص الدور من بين الكثير من الأطفال الذين تقدموا لاختبارات الأداء، وتقمصه بصورة مذهلة وحقيقية.
ينتهي المطاف بالصغير في ملجأ ومن هنا تطلب أسرة أسترالية أن تتبناه، ويسافر إلى هناك لتظهر والدته بالتبني "سو/نيكول كيدمان"، ووالده "جون/ ديفيد ينهام". يكبر "سارو/ديف باتل" ليصبح الشاب الذي لا يستطيع مواصلة حياته دون النظر إلى ماضيه وذكرياته، خاصة بعد ظهور حبيبته "لوسي/روني مارا" التي يتشابه تجولهما في الشوارع ما كان يفعله مع شقيقه الأكبر.
لا يتعرض الفيلم كثيرًا لحياة "سارو" في أستراليا على مدار السنوات، بل يتجاوز 20 عامًا ليكثف جهوده على شكل علاقته بأسرته الجديدة وشقيقه بالتبني الذي يعاني من أزمة نفسية بسبب ما عاشه في الملجأ وقبل مجيئه إلى العائلة. ولكن يركز ديفيس على علاقة الأم تحديدًا، فهناك الكثير من المشاهد المؤثرة التي تجمع باتل وكيدمان أهمها المشهد الذي تكشف فيه عن سبب تبنيها له.
لا يمكن مشاهدة "باتل" على الشاشة دون تذكر دوره في فيلم slumdog millionaire الصادر عام 2008، فهو يعود بعد 8 سنوات بشخصية أكثر نضوجًا وثقة تختلف في ملامحها عن شخصية "جمال"، صحيح أن هناك طرح متشابه بين الفيلمين فيما يخص الأوضاع في الهند المتعلقة بتجارة الأطفال وغياب الشرطة إلا أن حالة الفيلم وقصته أكثر نعومة.
في المجمل، Lion من أفلام القصص الواقعية، التي من السهل أن تعرف أحداثها قبل المشاهدة، فالحكاية بسيطة وكان من الممكن أن تقدم في أقل من ساعتين لكن ذلك لن يمنعك من التأثر والاستمتاع بكل تفاصيل الفيلم المختلفة.
اقرأ أيضًا:
بالفيديو- ديف باتل يصطحب والدته إلى حفل الأوسكار.. وهذا ما فعلته في جوائز بافتا
جوائز بافتا- ديف باتل وفيولا ديفيس الأفضل في الأدوار المساعدة وSon Of Saul أفضل فيلم أجنبي