تنجح الأفلام المقتبسة عن روايات في لفت انتباه محبي السينما ومتابعيها منذ الإعلان عن دخولها مرحلة التحضيرات واختيار فريق العمل. فما بالنا ونحن أمام فيلم مأخوذ عن رواية تحمل توقيع الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، الذي يعد واحدًا من أهم الصحفيين المصريين على الساحة حاليًا والمعروف بمواقفه الجريئة والمثيرة للجدل، إلى جانب المخرج مجدي أحمد على صاحب عدد من الأفلام المتميزة منها خلطة فوزية وأسرار البنات وعصافير النيل.
يتناول الفيلم رحلة صعود إمام شاب يدعى "حاتم الشناوي" يجسد دوره عمرو سعد، تقوده الصدفة إلى أن يصبح داعية تليفزيوني يلتف حوله الملايين ليستمعوا إلى حديثه البعيد عن التشدد، في وقت ينتشر فيه الدعاة والشيوخ المتأثرين بالفكر السلفي. ويستعرض على مدار ساعتين، الأزمات والصراعات التي يواجهها "الشيخ حاتم"، الذي يحاول بشتى الطرق موازنة الأمور بين ما يجب أن يفعله وما تفرضه عليه الظروف، فيصف حاله قائلًا: "إنني لا أستطيع قول كل الحقيقة ولكنى أبذل كل طاقتي لكيلا أنطق بغيرها".
تتطور الأحداث مع ظهور نجل رئيس الدولة الذي يدعى "جلال"، إذ يطلب من أحد أصدقاء "حاتم" أن يحضره إلى مباراة كرة قدم وهناك يخبره أنه يحتاجه في أمر سري، يعرف بعد ذلك أن الأمر متعلق بشقيق زوجة نجل الرئيس "حسن" يجسد دوره أحمد مجدي، الذي يرغب في أن يتنصر ويترك الإسلام، ويُطلب من "حاتم" أن يجلس معه ليثنيه عن الفكرة. في نفس الوقت نرى الصراع يحتدم بين رجال أمن الدولة و"حاتم" لرغبتهم في السيطرة عليه وتوجيه خطاباته لصالحهم.
نعرف من تتر البداية أن مؤلف الرواية والمخرج تعاونا في كتابة السيناريو والحوار، ومن هنا تظهر أول مشكلة في الفيلم والتي تعاني منها عدد من الأفلام المأخوذة عن روايات. فعادة يكون من الصعب على الكاتب التغاضي عن بعض أجزاء روايته عند تحويلها إلى فيلم، لأنه ببساطة يرى أن كل تفصيلة تعتبر مهمة وتساعد في الوصول إلى النهاية المحتومة، ولكن هذا يظلم الفيلم الذي يظهر في صورة مكتظة بالأحداث والخطوط الدرامية.
فيلم "مولانا" يناقش فكرة أساسية وهي التطرف الديني ولكنه بدلا من أن يركز على جانب من هذا التشدد ويقدم معالجة ترتكز على عناصر مرسومة بشكل دقيق، تفرع إلى عدد كبير من الموضوعات التي تندرج تحت بند التعصب والتطرف، كان من الممكن أن يقدم كلا منها في عمل منفصل. إذ تعرض الفيلم إلى قضايا مثل التنصير وحملات التبشير، والصوفية والصراع الدائم بينها وبين السلفية، والموقف من المذهب الشيعي وأفكار المعتزلة والسنة النبوية، وعلاقة رجال الدين بالسلطة، والسيطرة على الإعلام.
هذا الازدحام في الأفكار والأسئلة المطروحة خلق حالة من التشتت وغلب جانب الجمل الحوارية على الصورة وتسبب أن بعض القضايا عُرضت بصورة سطحية، ولكن أنقذ الفيلم الخط الكوميدي الذي وازن إيقاع الأحداث، وقلل من حدة المناقشات وسرد القصص الفرعية.
على صعيد التمثيل، يعد الفيلم ثاني تعاون بين المخرج مجدي أحمد على والممثل عمرو سعد بعد مسلسل مملكة الجبل إنتاج 2010، وقدم عمر سعد دور رائع يعد من أهم العوامل التي تميز الفيلم، فقد أدى دور يمزج بين الجدية وخفة الدم غير المصطنعة، وتألق في عدد من المشاهد التمثيلية هو وريهام حجاج. وقدمت درة دور الزوجة بصورة جيدة وفقًا لمساحة الدور المكتوب، فيما قدم أحمد مجدي دور الشاب الحائر دينيًا صاحب الميول المتطرفة بصورة باهتة، وفي بعض الأوقات تشاهده وهو يقول الحوار دون أن يشعر به أو يجعلك تصدقه، وذلك على عكس عدد من الأدوار التي قدمها في السنوات الأخيرة وبدا فيها متميزًا.
في المجمل، فيلم "مولانا" يحمل الكثير من القضايا الفكرية والدينية والسياسية التي تستحق المشاهدة والمناقشة، وستستمتع بجرعة مكثفة من الكوميديا والتمثيل، إلى جانب الموسيقى التصويرية التي وضعها عادل حقي، التي ساعدت على الدخول في أجواء الصراع الداخلي والخارجي.
اقرأ أيضًا:
بالفيديو - رد طريف من عادل إمام عن رأيه في فيلم "مولانا"
بالصور- أحمد سعد يهنئ أخيه على "مولانا"
بالفيديو- أحمد مجدي: لهذا السبب ارتديت هذه الأزياء في عرض "مولانا" الخاص