يبدو أن عام 2016 لا يريد أن ينتهي إلا بتأكيد جديد على إنه العام الأكثر تأثيراً في صناعة السينما العربية من بين جميع الأعوام الماضية.
العام الذي انطلق بترشح الفيلمين الأردني "ذيب" والفلسطيني "السلام عليك يا مريم" لجائزتي أوسكار، وحصد الفيلم التونسي "نحبك هادي" لجائزتين في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين، وانتصف باختيار الفيلم المصري "اشتباك" لافتتاح مسابقة نظرة ما في مهرجان كان، وحصول الفيلم التونسي "آخر واحد فينا" على جائزة العمل الأول في مهرجان فينيسيا، ها هو يختتم بمبادرتين جديدتين هامتين استضافهما مهرجان دبي السينمائي في دورته الثالثة عشر.
أول أوسكار عربي
"
مؤسسة الفيلم العربي Arab Film Institute" هي المبادرة الأولى التي أطلقها أثني عشر سينمائياً عربياً في مؤتمر صحفي كبير شهد شرح أهداف المؤسسة، والتي ستكون بشكل ما مناظرة لأكاديمية علوم وفنون السينما الأمريكية التي تمنح جوائز الأوسكار سنوياً. مؤسسة الفيلم العربي تصف نفسها رسمياً بأنها "جمعية ثقافية غير ربحية، تؤسس منصة حيث يلتقي كل من يساهم في اثراء وتطوير صناعة السينما العربية، للتحاور والتصور والاحتفاء بماضي وحاضر ومستقبل الفيلم العربي".
أول وأهم أنشطة المؤسسة سيكون منح جوائز سنوية للسينما العربية بناء على تصويت الأعضاء الذين سيضمون جميع التخصصات من محترفي السينما من مخرجين ومنتجين ومؤلفين وممثلين وتقنيين وحتى النقاد. "جائزة الفيلم العربي" سيقام حفل توزيع النسخة الأولى منها خلال شهر مارس 2018، وستشهد توزيع 19 جائزة من بينها أفضل فيلم، أفضل مخرج، أفضل منتج، أفضل ممثل، أفضل ممثلة، أفضل سيناريو، أفضل مدير تصوير، أفضل فيلم قصير، أفضل فيلم طلابي، جائزة الإنجاز مدى الحياة.
نشاط المؤسسة لن يتوقف على الجوائز بل سيمتد وفقاً لتصريحات المنتج اللبناني بول بابوجيان المدير التنفيذي للمؤسسة لإقامة ورش تدريبية للعمل على تطوير الصناعة في الدول العربية، بالإضافة للعمل على دعم الإنتاج المشترك وتبادل المواهب بين البلدان المختلفة.
مجلس إدارة المؤسسة يتكون كما أوضحنا من أثني عشر سينمائياً عربياً من بينهم المنتج المصري محمد حفظي، المنتجة التونسية درة بوشوشة، المخرج الجزائري سالم براهيمي، مدير البرنامج العربي في مهرجان دبي اللبناني أنطوان خليفة، المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، والمخرج والمنتج المغربي نبيل عيوش وآخرين. وسيتم الإعلان في الأيام المقبلة على كيفية التحاق المحترفين بعضوية المؤسسة.
مختبر يستشرف المستقبل
المبادرة الثانية بالغة الأهمية هي "مختبر السينما العربية Arab Cinema Lab"، إحدى مبادرات مركز السينما العربية الذي يعمل منذ قرابة العامين على إيجاد مساحة دائمة للشركات والمؤسسات العربية في أكبر مهرجانات العالم، عبر جمع جهودهم والتواجد معاً داخل أهم الأسواق والمهرجانات، الأمر الذي يصعب أن تتحمل مؤسسة تكاليفه بشكل منفرد.
مركز السينما العربية استغل منصة مهرجان دبي السينمائي لبدء خطوة جديدة أبعد من الأنشطة الترويجية السابقة، وذلك عبر تنظيم هذا المختبر على مدار ما يقرب من الخمس ساعات، كمؤتمر مصغر لأبرز العاملين في صناعة السينما العربية من أجل بحث الوضع الحالي والإطلاع على فرص الاستثمار والمشروعات المرتقبة خلال الأشهر المقبلة.
يمكن تقسيم ما دار في المختبر بنسخته الأولى إلى ثلاثة محاور رئيسية. المحور الأول هو مجموعة من البيانات القيمة حول حجم السوق ومعدل نموه في كل سوق عربي، عدد الشاشات ومقارنتها بتعداد السكان، وغيرها من الأرقام التي يجب أن يدرسها كل من يفكر في العمل بالإنتاج والتوزيع في المنطقة العربية.
المحور الثاني كان مجموعة من العروض التقديمية التي قدمها عدد من المنتجين والموزعين الناشطين في المنطقة، ليقدم كل منهم نفسه ونشاطه مع منح بعض النصائح بناء على خبرته في السوق. أما آخر المحاور ـ وربما أهمها ـ فكان العرض الحصري للقطات من سبعة أفلام عربية جديدة لا تزال في قيد الإعداد، في خطوة ضرورية لتعريف الجهات الناشطة بهذه المشروعات، أملاً في أن يسفر هذا التلاقي على مزيد من التعاون المشترك لإنجاز هذه المشروعات أو على الأقل في إعداد السوق لاستقبالها عندما تنتهي.
ظهور المبادرتين في يومين متتاليين كان أمراً دي دلالة واضحة على أن كل النجاح الملحوظ للأفلام العربية خلال العام الذي نعيش أيامه الأخيرة لم يأت من فراغ، بل كان نتيجة عمل دؤوب من مجموعة سينمائيين صاروا المحرك الرئيسي للسينما العربية. ولا عجب أن معظم الأفلام التي ذكرناها في المقدمة كانت ممثلة بصناع رئيسيين في إحدى المبادرتين أو كليهما، مما يدفعنا للتفاؤل بمزيد من النجاح خلال الأعوام المقبلة.
اقرأ أيضا
خاص- رسالة دبي السينمائي (1): "الآنسة سلون".. افتتاح يغازل الأوسكار مجدداً
خاص- رسالة دبي السينمائي (2): بدايات السينما ومحاضرة صانع "Amy" أبرز ما في اليوم الثاني
خاص- رسالة دبي السينمائي (3): "مولانا".. قيمة مرتفعة وأخطاء كثيرة