كالعادة وفي كل عام مع حلول شهر رمضان، تنتشر الأعمال التليفزيونية الدرامية وتختلف في مضمونها وتنوعها، لتجذب أكبر قدر من المشاهدين.
وفي هذا العام تنوعت المسلسلات وضمت عدد كبير من النجوم، ولكنها اتفقت على أغلبها على أسلوب واحد، وهو الإثارة والتشويق، وجذب المشاهد منذ الحلقة الأولى في جريمة أو كارثة، لكي يظل مرتبط بالعمل إلى الحلقة الأخيرة، لمعرفة حل اللغز أو القاتل.
وبنسبة كبيرة من الأعمال التي تعرض خلال شهر رمضان، ستجد أنها تضم عدد من الجرائم والتي تتنوع بين القتل والاغتيال والتفجيرات، وكأن المشاهد لا يعيش توترا كافيا في حياته اليومية، وينتظر هذه الجرعة المركزة في المسلسلات التي سيتابعها في شهر واحد.
أما الغريب والمبالغ فيه هذا العام، هو أن معظم الأعمال تتناول شخصيات تختفي منها ملامح الخجل والحياء، مما جعل بعض المشاهدين ينتقدون وجود كل هذا الكم من المشاهد والشخصيات في مسلسلات رمضان، انطلاقا من دافع الواقعية والمصدقاية ونقل صورة المجتمع كما هي.
المشاكل الأسرية والخيانة الزوجية تحديدا والإثارة متوفرة بغزارة في العديد من الأعمال أيضا، وبصورة مركزة، وفي بعض الأحيان مباشرة مثل خيانة ريم البارودي لزوجها ياسر فرج مع تامر يسري في أحداث مسلسل "أزمة نسب"، وخيانة نجلاء بدر لزوجها مراد مكرم، مع جارهم الذي يقوم بدوره أحمد حاتم في مسلسل "فوق مستوى الشبهات"، خيانة رانيا يوسف لزوجها مع المحامي الخاص به وليد فواز في مسلسل "سبع اراوح"، وخيانة نادين الراسي لزوجها في مسلسل "جريمة شغف"، وغيرها من الشخصيات والملسسلات.
بالإضافة لدور الأم الذي تلعبه سوسن بدر في مسلسل "أفراح القبلة"، والتي تربي بناتها على الاعتماد على أجسادهن للوصول لغايتهن، بداية من الابنة الكبرى رانيا يوسف التي تتاجر في جسدها بعلم والدتها، إلى منى زكي التي تعتمد على أنوثتها للوصول إلى حلم التمثيل، إلى دينا الشربيني التي تستغل انوثتها أيضا في عملها لكي تصبح صحفية، بخلاف مشاهد سوسن بدر مع السيدات وهي تزينهن بالطريقة "البلدي" التقليدية بشكل مبالغ فيه.
أما جرائم القتل والتوتر والإثارة متوفرة في أكثر من عمل وتتنافس جميعها بنفس المنطق والأسلوب منهم "الخروج"، "الميزان"، "جراند أوتيل"، "شوف مستوى الشبهات"، "جريمة شغف"، "سقوط حر"، "7 أرواح"، و"راس الغول"، وجميعها تدور في إطار البحث عن القاتل أو من السبب وراء كل هذه الأحداث، ومن الشخص الخفي الذي يمسك بيده خيوط اللعبة.
ومع كثرة التركيز على موضوعات الخيانة الزوجية، واستمتاع السيدات والتفاخر بذلك، ومشاهد الرقص والخمور وجرائم القتل، نجد أنه لا توجد مسلسلات الدراما الاجتماعية التي كنا نستمتع بمشهدتها مع عائلاتنا، حيث اختفت تماما وأصبحت مشاهدة التليفزيون جريمة، ويجب متابعتها في السر وبعيدا عن الأطفال للحفاظ على سلوكياتهم.
للعلم أهم واعظم الأعمال الدرامية التي ستظل في تاريخ الدراما المصرية والعربية لم تكن تحتوي على هذا الكم من الخيانة والقتل والإثارة وحققت نجاحا كبيرا مثل "ليالي الحلمية"، ولن أعيش في جلباب أبي"، و"الشهد والدموع" و"زيزينا" و"هوانم جاردن سيتي" و"أرابيسك" و"البخيل وأنا" و"صابر يا عم صابر" و"بكيزا وزغلول" و"أبو العلا البشري"، وغيرها من الأعمال لم تعتمد على القتل والخيانة وكنا نتابعها بدون خوف أو قلق مع عائلاتنا، ولكن "الحياء" اختفى وأصبح كلمة تعبر عن التخلف أو الرجعية حتى في شهر رمضان.