من تابع مسيرة ليوناردو دي كابريو منذ ظهوره الحقيقي الأول في "What's Eating Gilbert Grape" (١٩٩٣)، والذي نال عنه أول ترشيحاته للأوسكار كأفضل ممثل مساعد، يتأكد أن هوليوود كانت تستعد لاستقبال ممثل ذي شأن كبير، على الرغم من أنه لم يكن يكمل وقتها عامه الـ ١٩.
لكن ظهوره الباهت في فيلميه التاليين "روميو وجوليت" مع المخرج باز لوهرمان، و"تايتانيك" لجيمس كاميرون في عامي ١٩٩٦ و١٩٩٧، ربما كان سيُبعد عنه الأفلام المهمة والمخرجين الكبار، على الرغم من أنه كان حديث العالم كله بعد الهزة العنيفة التي أحدثها فيلم "تايتانيك" سواء على مستوى النجاح الجماهيري في دور العرض الأمريكية والعالمية، أو على مستوى الجوائز التي انهالت على الفيلم من كل مكان.
وبالفعل قدم ليو عددا من الأعمال التي ربما لم يسمع عنها أحد في الفترة بين ١٩٩٧ وحتى ٢٠٠١، حتى جاء المخرج العبقري مارتن سكورسيزي ليوقظ موهبة دي كابريو من جديد، عندما قدما سويا ومعهم الرائع دانييل دي لويس فيلم "عصابات نيويورك".
لقد مارس سكورسيزي مع دي كابريو نفس الدور الذي مارسه مع روبرت دي نيرو عندما أخرجه من فئة ممثل جيد إلى فئة ممثل عظيم في السبعينيات والثمانينيات عندما قدما سويا أفلام "Taxi Driver" (١٩٧٦) و"نيويورك نيويورك" و"Raging Bull" (١٩٨٠) والذي حاز عنه دي نيرو الأوسكار كأفضل ممثل، وكذلك "ملك الكوميديا" وغيره.
قدم سكورسيزي ودي كابريو عددا من الأفلام الناجحة نقديا وجماهيريا، مثل "The Aviator" (٢٠٠٤) الذي ترشح عنه النجم الكبير للأوسكار للمرة الثانية، وكذلك قدما "The Departed"، و"Shutter Island"، بالفعل أربعة أفلام قدمها الثنائي، نجح دي كابريو أن يستغلها في تطوير موهبته إلى أن وصلت إلى قمتها في فيلمهما الخامس "The Wolf of Wall Street"، حتى أن كثير من المهتمين بالشأن السينمائي العالمي صدموا لخسارة ليو للأوسكار بعد أن قدم أداءً مبهرًا في هذا الفيلم، قد يفوق أداءه في فيلم "The Revenant" (٢٠١٥) الذي حاز عنه جائزة أوسكار "أفضل ممثل" مساء الأحد.
لم يكرر دي كابريو تجربة العمل مع مخرجين آخرين لأكثر من فيلم واحد باستثناء باز لوهرمان الذي قدم معه "روميو وجوليت" في منتصف التسعينيات، ثم عاد ليقدم معه في ٢٠١٣ فيلم "جاتسبي العظيم" المأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم لسكوت فيزجرالد. والفارق بين أداء صاحب الأوسكار الوحيد ظاهر وواضح بين الفيلمين.
عمل دي كابريو مع أهم مخرجي هوليوود، ومع أكثر من مدرسة في الإخراج، ما ساهم كثيرًا في تطوير أدائه. قدم مع ستيفن سبيلبرج فيلم "Catch Me If You Can" (٢٠٠٢) والذي قدم فيه مباراة تمثيلية مع توم هانكس، كانت الأفضلية له بشهادة الكثيرين. قدم أيضا مع إدوارد زويك فيلم "Blood Diamond" (٢٠٠٦) والذي نال عنه ترشيحا آخرًا للأوسكار، كما تعاون مع سام ميندز في "Revolutionary Road" (٢٠٠٨) وكريستوفر نولان في "Inception" (٢٠١٠)، وريدلي سكوت في "Body of Lies" (٢٠٠٨)، وكوينتين تارنتينو في "Django Unchained" (٢٠١٢)، وأخيرا أليخاندرو جونزاليز إيناريتو في "The Revenant" (٢٠١٥).
بدا واضحا للجميع هذا التنوع المذهل في أدوار دي كابريو التي قدمها في أعماله، لاسيما بعد "روميو وجولييت" و"تايتانيك"، حيث صُنف وقتها كفتى أحلام مراهقي العالم، لكنه تحول إلى شخص تدفعه قسوة الحياة في نيويورك أن يتحول إلى ملاكم في حانات "عصابات نيويورك"، ثم إلى محتال ظريف في "Catch Me If You Can" (٢٠٠٢)، إلى رجل تحركه غريزة السلام والتسامح وسط أدغال أفريقيا التي ذهب إليها بحثا عن الماس في "Blood Diamond" (٢٠٠٦)، إلى محب وعاشق في "جاتسبي العظيم" إلى رجل مال واقتصاد تضربه حياة الترف والبذخ والاستهلاك في "The Wolf of Wall Street"(٢٠١٣) إلى شخص يعاني من قسوة الطبيعة والكائنات في فيلمه الأخير.
لم يخش دي كابريو أن يقف أمام توم هانكس أو جاك نيكلسون أو مات ديمون أو دانيال دي لويس. لم يأبه من أي مخرج مهما كان اسمه. لم تقلقه نجاحات كيت وينسليت التي قرنها الجميع به منذ "تايتانيك"، وحصولها على الأوسكار. لم يخف من كل ذلك، وصعد بالأمس ليحصل على أول جائزة أوسكار له، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة.
طالع أيضا
"طالما ما زلت تتنفس، واصل القتال".. ليوناردو دي كابريو يكسر العقدة ويحصل على أول أوسكار عن The Revenant
كيف وصل ليوناردو دي كابريو للأوسكار؟
العب- ساعد ليوناردو دي كابريو على الفوز بالأوسكار
ماذا لو لم يفز ليوناردو دي كابريو بالأوسكار للمرة السادسة؟
لهذه الأسباب لا يستحق ليوناردو دي كابريو الأوسكار عن The Revenant
نظرة على فيلم The Revenant الحائز على ١٢ ترشيحا في "أوسكار ٢٠١٦"