قبل 25 عاما، وتحديدا في 21 سبتمبر 1990 كان العرض الأول لفيلم العصابات Godfellas، من بطولة روبرت دي نيرو وراي ليوتا وجو بيشي، ويروي عن أحداث حقيقية قصة رجل العصابات من أصول أيرلندية "هنري هيل"، الذي يقبل في الثمانينيات من القرن الماضي أن يشهد ضد زملائه من رجال "المافيا" لصالح المباحث الفيدرالية، بعد أن شعر أن عائلته مهددة بالتصفية الجسدية من قبلهم في أي لحظة.
وبعد سنوات من عرضه السينمائي، توّج Goodfellas كإحدى "أيقونات" سينما الجريمة إلى جانب سلسلة The Godfather، بل واندرج ضمن أول 25 في قائمة موقع imdb السينمائي الشهير لأفضل 250 فيلم في التاريخ، والتي تم إعدادها بحسب تقييمات النقاد والجمهور على حد سواء.
وكان Goodfellas من عوامل تنصيب مارتن سكورسيزي كواحد من أهم مخرجي أفلام العصابات، وبمثابة نقطة انطلاق الممثل الواعد آنذاك راي ليوتا في أدوار البطولة، وسببا مباشرا في منح جو بيشي الأوسكار الوحيد في مشواره الفني، عن تجسيده البارع لرجل العصابات السادي والمجنون "تومي دي فيتو".
ومن أهم الأسباب وراء نجاح فيلم Goodfellas واستمراريته حتى الآن هو تعبيره الصادق عن العادات والتقاليد الأصيلة لعصابات "المافيا" الإيطالية، واهتمامه برصد أدق تفاصيلها، والتي لم تنجح العديد من الأفلام في تقديمها بهذا الشكل، بخلاف سلسلة The Godfather، فضلا عن أسباب وحقائق أخرى ستزيد من تعلقك به، أو قد تدفعك لمشاهدته للمرة الأولى:
* إخلاص فريق العمل
أظهر فريق عمل الفيلم تفاني شديد أثناء تحضيرهم وتصويرهم له، وبرز ذلك في صور عديدة:
- "For as long as I can remember I always wanted to be a gangster" أو "لطالما أستطيع أن أتذكر كنت أريد دائما أن أكون رجل عصابات" هي الجملة الافتتاحية الخالدة للفيلم على لسان بطله راي ليوتا، والتي كانت مقدمة لتعليق طويل بصوته طوال أحداث الفيلم حتى نهايته. ولكي يتلو ليوتا تعليقه الصوتي بشكل فعال على المشاهدين، فأصرّ على جلوس مهندس الصوت أمامه بداخل الاستوديو كي لا يشعر بالعزلة والملل أثناء قراءته للتعليق.
- كي يجيد روبرت دي نيرو شخصية رجل العصابات "جيمي كونواي" وصديق "هنري هيل" في رحلة الجريمة، فكان مهتم بشغف بمعرفة أدق تفاصيل شخصية هيل وكونواي في الحياة الواقعية، لدرجة أنه كان حريصا على تقليد كونواي في طريقة مسكه للسجائر ولزجاجة الكاتشب.
- في سبيل الانخراط في الشخصية الرئيسية للفيلم "هنري هيل"، كان راي ليوتا يستمع لتسجيلات المباحث الفيدرالية بشأن هيل في كل يوم أثناء ذهابه إلى الاستوديو، وكأنها نوع من المذاكرة.
- كان المخرج مارتن سكورسيزي حريص على الاعتناء بأدق تفاصيل فيلمه، بحسب راي ليوتا كان سكورسيزي مهتم على ظهور أبطال العمل في أمثل صورة على الشاشة، لدرجة أنه كان يقوم بربط ربطة عنق ليوتا بنفسه.
* الارتجال سيد الموقف
كان الارتجال هو عنوان فيلم Goodfellas، إذ أن العديد من أشهر مشاهده جاءت بارتجال من الممثلين دون لعب السيناريو أي دور.
ومن هذه المشاهد تلك المواجهة الكوميدية لجو بيشي وهو كاد أن يوقع صديقه راي ليوتا في مقلب بداخل حانة، بعد أن أوهمه بأنه غاضب منه بعد أن وصفه بأنه "مضحك".
وكتب جو بيشي ذلك المشهد بنفسه، واستوحاه من مواجهة شهدها بين اثنين من رجال العصابات في إحدى الليالي بمدينة شيكاجو الأمريكية.
شاهد مشهد مقلب جو بيشي لراي ليوتا في Goodfellas
أيضا هناك المشهد الذي يجمع بين راي ليوتا وبول سورفينو، والذي يطلب فيه الأخير منه بألا يتاجر في المخدرات، وبعد أن ينهى سورفينو تعليماته لليوتا يسدد صفعة خفيفة على وجهه، وهي عادة شهيرة بين الإيطاليين لزيادة التأكيد على كلامهم وأوامرهم.
وتلك الصفعة جاءت مرتجلة من جانب بول سورفينو، وبدا ذلك واضحا من تفاجؤ ليوتا منه في المشهد.
شاهد صفعة بول سورفينو لراي ليوتا المرتجلة في Goodfellas
مشهد شهير آخر مرتجل في فيلم Goodfellas، وهو الذي يصورة مارتن سكورسيزي كلقطة واحدة بكاميرا "ستيدي كام"، ويتتبع فيه سير الزوجين راي ليوتا ولورين براكو بدء من دخولهما مطعم أحد الملاهي الليلة ونهاية بوصولهما إلى وصولهما لللملهى والجلوس فيه لحضور إحدى السهرات.
وصوّر سكورسيزي المشهد بتلك الطريقة بعد أن رفضت إدارة الملهى الليلي التصوير من مدخله الرئيسي.
شاهد إخراج مارتن سكورسيزي لمشهد الملهى الليلي المتواصل
* فيلم محقق للعدالة
تناول فيلم Goodfellas قيام أبطاله من رجال العصابات بعملية سطو على شركة خطوط "لوفتهانزا" بمطار جون كينيدي في أمريكا في سنة 1978، والتي لم يتم حلها وقتها حتى سنة 2014، عندما نجحت المباحث الفيدرالية في القبض على بعض المتورطين بها!
* الفيلم الحائز على أكثر عدد مرات سُباب!
يضم فيلم Goodfellas أكثر عدد مرات سُباب في تاريخ السينما؛ إذ ضم 321 كلمة سباب بمعدل 2.04 في الدقيقة الواحدة، وكان صاحب النصيب الأكبر من ذلك الرقم القياسي هو جو بيشي
* نجوم كبار كانوا مرشحين للفيلم
كان آل باتشينو مرشح لدور رجل العصابات "جيمي كونواي"، ولكنه رفضه خوفا من أن يُسجن في نمط رجل العصابات، خصوصا بعد تقديمه لسلسلة The Godfather، ليكون في النهاية من نصيب نظيره روبرت دي نيرو.
كما أن توم كروز ومادونا كانا هما المرشحان الأوليان لأدوار "هنري هيل" وزوجته "كارين"، ولكنهما أسندا في النهاية إلى راي ليوتا ولورين براكو.