قبل الانتهاء من تصوير الجزء الثاني من فيلم الوحوش الفضائية Aliens، وأثناء متابعته لقناة National Geographic، شاهد جيمس كاميرون فيلما تسجيليا عن مركبات تتحكم بها عن بعد لأداء عمليات في قاع المحيط.
وتذكر كاميرون من هذا الفيلم قصة قصيرة كان كتبها وهو في سن الـ 17، والتي استوحى فكرتها من عملية استخدام الأوكسجين السائل للتنفس تحت الماء، وتجربتها على الغواص فرانسيس فاليجزيتشك، ليصبح هو أول إنسان يقوم بالتنفس تحت الماء.
وخطرت فكرة القصة القصيرة على كاميرون أثناء حضوره لحصة في مادة الأحياء في المرحلة الثانوية، والتي تدور أحداثها حول مجموعة من العلماء يعيشون في مختبر في المحيط، ولكن غيّر كاميرون فيما بعد العلماء بعمال يعملون في المحيط، كي تتناسب مع فكرة فيلمه المقبل The Abyss.
واقترح جيمس كاميرون فكرة الفيلم على زوجته في ذلك الوقت جايل آن هورد، التي وافقت على المشاركه في إنتاجه، وبدأ في كتابة سيناريو العمل بعد عرض فيلم Aliens بفترة قصيرة، ولكي يعبر كاميرون عن حبه لزوجته فكتب شخصية "الدكتورة ليندسي بريجمان" في الفيلم مشابهة للغاية مع شخصية زوجته جايل، ولكنه لم يكن يدري أنه سينفصل عنها قبل الانتهاء من تصوير الفيلم! وأن تنتهى قصة حبهما بهذه السرعة، بعد زواج دام 3 سنوات فقط.
وانتهى جيمس كاميرون من كتابة سيناريو فيلم The Abyss في أواخر سنة 1987، وبدأ في اختيار الممثلين المشاركين فيه في 1988، وهم إد هاريس، وماري إليزابيث، ومايكل بين في ثالث تعاون بينهما على التوالي، من بعد فيلمي The Terminator وAliens.
وقبل تصوير الفيلم بأسابيع، جمع كاميرون طاقم العمل بالكامل، وذهبوا إلى جزيره كايمان ليتدربوا في برنامج مكثف على الغوص لمدة أسبوع، لأن 40% من أحداث الفيلم تدور في أعماق المحيط.
واستعان كاميرون بجهاز تسجيل جديد يستخدم للمرة الأولى، وتقوم مهمته على تسجيل الحوار تحت الماء بدقة كبير، بالإضافة إلى خزان مياه كبير تبلغ سعته 28 ألف متر مكعب، ويقدّر عمقه بـ 18 متر، فيما يبلغ عرضه 70 مترا، وتم تصوير أكثر من 90% من مشاهد أعماق المحيط في هذا الخزان.
وفي اليوم الأول من التصوير، تعرض جيمس كاميرون لمشكلة، وهي وجود تسريب في الخزان أدى إلى فقدان 570 متر مكعب من الماء، وهو ما أدى إلى تأجيل التصوير لحين إصلاحه.
أحد أكبر الكوارث التي كان من المحتمل أن يتعرض لها فيلم The Abyss هو غرق الممثل إد هاريس، عندما رفض في إحدى المشاهد أن يستخدم الأوكسجين السائل، وقرر أن يكتم أنفاسه، ولكنه سرعان ما تعرض للاختناق، وأشار لأحد أعضاء الإنقاذ لكي يمد له الأوكسجين، ولكنه تعثر في إحدى الكابلات أثناء اتجاهه نحو إد هاريس، فأعطاه أحد أعضاء العمل منظم للتنفس، ولكن هاريس استخدمه بالشكل الخاطئ، فأمتص بعض المياه، ولكن أحد المصورين ترك الكاميرا وسارع بالاتجاه نحوه، وركّب له المنظم بالشكل الصحيح.
إد هاريس في مشهد من فيلم The Abyss
بعد إنقاذ إد هاريس وانتشاله من المياه، ظل يبكي طوال اليوم، وصرح لاحقا أنه لن يتكلم طوال حياته عن تجربته في فيلم The Abyss، وظل متمسكا بموقفه حتى سنة 1993، عندما ظهر في فيلم وثائقي عن الفيلم، وقال فيه جملة واحدة هي: "هذا الفيلم كان تجربة مليئة بأشياء لم أشعر بأي سعادة في تقديم أي منها".
وعُرض فيلم The Abyss بالسينمات في 9 أغسطس 1989، بتكلفة إنتاج بلغت 70 مليون دولار، ولكن لم يحقق الإيرادات المرجوة منه؛ إذ بلغت إيرادات الفيلم 90 مليون دولار فقط، إلا أن الفيلم ترشح لـ 4 جوائز أوسكار لأفضل مؤثرات بصرية، وأفضل تصوير، وأفضل صوت، وأفضل ديكورات، ولكنه فاز منها بـ "أفضل مؤثرات بصرية".
شاهد إعلان فيلم The Abyss لجيمس كاميرون من إنتاج 1989
وبعد أن انتهى جيمس كاميرون من تصوير The Abyss، ارتبط بالمرأة الثالثة في حياته والثانية من الوسط السينمائي، وهي المخرجة كاثرين بيجلو، كما بدأ في التحضير للجزء الثاني من سلسلة أفلام The Terminator، ولكن كالعادة كانت المشاكل تحاصر كاميرون، وهذه المرة بسبب حقوق ملكية الفيلم، لكن سرعان ما حلت شركة Carcolo Pictures المشكلة، بشرائها لحقوق القصة، ومن ثم إعطاء الضوء الأخضر لجيمس كاميرون لبدء التحضير للعمل، والذي أصبح من علامات سينما الخيال العلمي.
طالع أيضا:
المحطة الأولى.. جيمس كاميرون من سائق شاحنة إلى أحد أهم مخرجي العالم
المحطة الثانية.. The Terminator الحلم الذي جعل جيمس كاميرون مخرجا
المحطة الثالثة.. جيمس كاميرون يطوي صفحة "رامبو" ويتحمل مسؤولية Aliens