وافق الإعلامي معتز الدمرداش على أن يكتب عن والدته الفنانة الكبيرة كريمة مختار للمرة الأولى، تزامنا مع الاحتفال بحلول عيد الأم في 21 مارس.
وأشار "الدمرداش" في المقال الذي نشر في عدد الخميس 19 مارس الجاري من صحيفة "الوطن"، ويحمل عنوان "ماما كريمة" أنه دائما ما يطلب الناس منه أن يُبلغ تحياتهم إلى والدته كريمة مختار، وأن الله سبحانه وتعالى حباه بنعمة يحسده عليها الكثيرون، وهي وجودها في حياته.
ويقول معتز الدمرداش في مطلع مقاله: "لما طُلب مني أن أكتب هذه السطور بمناسبة عيد الأم هذا العام 2015، احترت جدا من أين أبدأ، وسبب الحيرة أن أمي هي كريمة مختار، هذه الأم المصرية التي يشاركني فيها الملايين من أبناء الشعب المصري وإخواننا وأشقائنا في الوطن العربي.
وجدتني أتذكر السؤال التقليدي الذي طالما أجبت عنه لمحبيها وعشاق فنها، سواء من زملاء العمل أو رواد المقهى، الذي أتردد عليه أو موظفي الجهة الحكومية التي أخلّص فيها أوراقي، أو عامل الأسانسير في أي فندق أو مؤسسة، أو حتى مضيفة الطيران حين تقابلني في الجو بابتسامة دافئة، متسائلة :"إزيّ ماما كريمة عاملة إيه؟".
شعبية جارفة ومشاعر جياشة حقيقية وطلبات لا حصر لها لتوصيل السلام لماما، أو لو ينفع نشوفها بس، ونبوس إيديها من غير ما نطوّل عليها".
وقال معتز الدمرداش إنه تعلم من والدته كريمة مختار العديد من القيم داخل المنزل، ومنها احترام قيمة العمل، بعد شهوده على واقعة صعبة مرت بها عندما كان في فترة المراهقة، وهي أنها أصرت على الوقوق على خشبة المسرح كي تواصل تقديم دورها في مسرحية "العيال كبرت"، رغم مرور 48 ساعة فقط على وفاة والدها.
ويقول الدمرداش: "كان درسا تعلمته وأنا في سن المراهقة من ماما كريمة، فلم تكد تمر ثمان وأربعون ساعة فقط على وفاة والدها، حتى وقفت ماما على خشبة المسرح تجسد دور "زينب"، أم العيال في المسرحية الشهيرة "العيال كبرت" وسط مجموعة من شياطين وبهلوانات الكوميديا الموهوبين: سعيد صالح، ويونس شلبي، وأحمد زكي، وحسن مصطفى. جمعت هذه الفنانة القديرة باختيارها (رغم إصرار المنتج سمير خفاجة على تمديد إجازتها حتى تخرج من حالة الحزن) بين النقيضين قمة الأداء الكوميدى الضاحك على خشبة المسرح وقمة التراجيديا الإنسانية وحالة الحزن الدفينة التى أخفتها ببراعة ونكران الذات وراء هذه الشخصية الكتومة المتألمة لفقدان العزيز الغالي، والحريصة في الوقت ذاته على استمرار العرض المسرحي رأفة بالمنتج وحرصا منها على وقف نزيف خسائر تعليق المسرحية".
وأفصح الدمرداش عن نصيحة لا ينساها من والدته كريمة مختار، والتي ظلت ترددها على مسامعه في سنوات الشباب والنجاح والظهور كإعلامى ومذيع تليفزيوني في مصر وخارج حدود الوطن، وهي: "يا بني إياك والغرور، فمن تواضع لله رفعه".
وأضاف أن من المواقف التي لا ينساها لها عندما بكت بشدة عندما كان يستعد للإقامة في العاصمة الأمريكية واشنطن في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي لكي يبدأ مشواره المهني عقب تخرجه في كلية الإعلام جامعة القاهرة.
وقال: "من المواقف التى لا أنساها عندما بكت أمي بحرقة شديدة حين دق باب شقتنا في منيل الروضة ذات يوم في شتاء عام 1985 ليدخل عمال نقل شركة الشحن المكلفة بنقل محتوياتي إلى واشنطن العاصمة الأمريكية، لكي أبدأ مشواري المهني بعد تخرجي في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، واختياري للعمل مذيعا في "صوت أمريكا"، ولما سألتها: لماذا البكاء بهذا الشكل؟ قالت: "مكنتش فاكرة إن الحكاية جد".
واختتم معتز الدمرداش مقاله عن ماما كريمة: "عرفت ساعتها أن ماما كانت تعاني من فكرة ابتعاد ابنها الشاب المتفوق في الجامعة اللي عاملّها حس في البيت بكل مشاكله وظروف مرحلته العمرية وقراره بأن يبتعد ويفارقها لأول مرة في حياتها ويروّح آخر الدنيا لمدة مفتوحة وغير محددة. بكت ماما كريمة من قلبها، وهي تتابع عمال الشحن وهم ينقلون آخر صندوق أفرغ غرفتي من محتواها. بكت كريمة مختار الأم هنا، ليس فى حضرة فريد شوقي ولا محمود مرسي، أو "مدبولي" في فيلم "الحفيد"، ولا حسين كمال، أو نور الدمرداش، ملك الفيديو زوجها، وأبو أولادها، ولكن في حضرة لحظة أمومة حقيقية خانتها فيها الدموع لفراق ابنها وحبيبها وصديقها".