مثلما تربعت الراحلة الكبيرة صباح في القلوب من رصيدها الغنائي الكبير، فاكتسبت حب جمهورها من كافة أقطار الوطن العربي بفضل مشوارها السينمائي البالغ 83 البالغ فيلما ما بين اللهجة المصرية واللبنانية.
وإذا أردنا أن نقسّم مشوار صباح السينمائي إلى مراحل، فسيكون على ثلاثة، الأولى مرحلة مرح وشقاوة الشباب، والثانية النضج الفني، أما الثالثة فهي الحكمة والتعامل مع منحنيات الحياة بكل حكمة، وهو ما عكسته الأدوار الخمسة التالية:
* "الآنسة ماما" إنتاج 1950:
برعت صباح في مرحلة شبابها بتجسيدها لنمط "الفتاة الشقية" على شاشة السينما، التي لا تقبل بمنافسة لها سواء على مستوى الحب أو العمل، ودائما ما تأخذ حقها ممن ظلمها في الحال، ومن أشهر الأدوار التي أبرزت هذا فيلم "الآنسة ماما"، والذي جسّدت صباح في أحداثه دور فتاة تمتلك موهبة في الغناء، وتسعى بكل الطرق أن يكتشفها مطرب مشهور أحبته "محمد فوزي"، وعندما يتجاهلها تقرر أن تلقنه درسا بالاتفاف مع والده "سليمان نجيب" على الادعاء بأنه تزوجها كي يشعر هو بالغيرة ويبدأ في الاهتمام بها وبموهبتها.
* "شارع الحب" إنتاج سنة 1958:
أيضا أجادت صباح في هذا الفيلم نمط "الفتاة الشقية"، ولكن هذه المرة كثرية مدللة تقع في حب المطرب الفقير والمغمور "عبد المنعم"، وتخوض حربا شعواء ضد منافستها "منيرة سنبل" بعدما حاولت أن توقعه في حبها.
وحقق فيلم "شارع الحب" نجاحا كبيرا وقت عرضه في أواخر الخمسينيات لكونه التعاون السينمائي الأول بين إثنين من قطبي الغناء صباح وعبد الحليم حافظ، وهو اللقاء الذي ظل عشاق "العندليب الأسمر" و"الشحرورة" ينتظروه منذ فترة طويلة، ونتج عنه العديد من الأغنيات الشهيرة، ومنها أغنية صباح "لأ".
* "الرجل الثاني" إنتاج 1959:
بخلاف أنه أشهر أفلام العصابات في السينما المصرية، فكان من عوامل النجاح الجماهيري الساحق لفيلم "الرجل الثاني" أيضا هو ضمّه لـ "الثلاثي" صباح ورشدي أباظة وسامية جمال.
كيف نجحت صباح في سرقة قلب رشدي أباظة من سامية جمال؟
شاهد: نجوم العالم العربي يرثون "الشحرورة" صباح
وقدّمت "الصبوحة" في أحداث الفيلم واحدا من وجوهها السينمائية الشهيرة، وهو مغنية النوادي الليلية، والتي تسعى في أحداثه للانتقام من "عزت" أو رشدي أباظة بعدما قتل شقيقها.
* "الأيدي الناعمة" إنتاج 1963:
جسّدت صباح في هذا الفيلم الهدف الأبرز لثورة 23 يوليو 1952، وهو المساواة بين الطبقات، كما دعت الطبقات الإقطاعية من خلاله للتأقلم مع الوضع الجديد للبلاد، والعمل من أجل النهوض بالمجتمع بعد نسيان أي ضغائن سابقة؛ فهي التي نجحت بذكائها وأنوثتها أن تخرج الباشا "أحمد مظهر" من سباته العميق، وأن يعول نفسه للمرة الأولى كي يفوز بقلبها في النهاية، بعدما كان لا يدرك شيئا عما يجري خارج فيللته الفاخرة، وكان يطالب بوضع سعر على كل عيدان الذرة المشوي!
وعندما تذكر صباح في "الأيدي الناعمة"، فلابد ألا يمر من أمامك مرور الكرام أغنية "الدوامة".
* "ليلة بكى فيها القمر" إنتاج 1980:
الفيلم قبل الأخير في مسيرة صباح السينمائية، والذي حمل إسقاطا لحياتها في الواقع خلال تلك الفترة، كفنانة بدأت الأضواء في الخفوت عنها بسبب تقدمها في العمر، وينجح ممثل شاب ومغمور "حسين فهمي" في التسلق على أكتافها، وينال الشهرة التي يبغاها بعدما أوهمها بحبه لها ويتزوجها، حتى تكتشف خيانته لها. وذلك السيناريو السابق هو ما مرت به صباح فعلا بشأن أغلب زيجاتها السابقة. (أرقام مهمة في حياة صباح)
كما أن الأغنية الرئيسية لفيلم "ليلة بكى فيها القمر" "ساعات ساعات" عبّرت بشكل كبير عن شخصية صباح بعشقها للضحك والحياة، والاستمتاع بكل ملذاتها دون مراعاة لكلام الناس.